الإرهاب ولجان المناصحة
من البرامج الجميلة والنافعة التي تبنتها وتعمل عليها وزارة الداخلية برنامج المناصحة الذي يهدف إلى محاورة أصحاب الأفكار المتطرفة ومحاولة اعادتهم إلى الحق ومن ثم دمجهم من جديد في نسيج المجتمع الصالح .
ولكن المتفحص لمعلومات منفذي العمليات الإرهابية يجد أنهم كانوا في الغالب ممن القي القبض عليهم وخضعوا لبرامج المناصحة ثم اطلقوا ومن ثم نكسوا على رؤوسهم.
وهذا يقودنا إلى سؤال مهم : هل استطاعت لجان المناصحة فعلا أن تغير من قناعات معتنقي هذا الفكر أم لا ؟
واقع الحال يشير إلى عكس هذا . ففي آخر عملية إرهابية نفذت في شرورة كان ثلاثة من الإرهابيين من اصل خمسة قد خضعوا لبرنامج المناصحة.إذن لماذا لم يحدث التغيير الايجابي المطلوب برغم كل هذه الجهود والجلسات والدعاة والاستشاريين النفسيين إلى غير ذلك ؟
من الواضح جدا أن السبب يعود إلى وجود فجوة وعدم ثقة بين الطرفين أو على الأقل من طرف تجاه الآخر فعضو اللجنة ينطلق في مناصحته من وجهة نظر معينة والمنصوح يفكر بطريقة أخرى تختلف تماماً عن ما طرحه المستشار أو الداعية ومالم تتقاطع هاتان الرؤيتان فلن تؤثر هذه البرامج أبداً . ونجد هذه الحقيقة حتى في العلوم التطبيقية بل وحتى في الترجمة واكتساب اللغات إذ لا بد أن تستحضر طريقة تفكير وثقافة الطرف الآخر وتبني عليها أدواتك التي قد تستطيع من خلالها تغيير أفكاره وقناعاته.
وعليه فمن المهم جدا عند محاولة تغيير القناعات السابقة المستقرة عميقا في العقل الباطن والرغبة في بناء افكار وقيم جديدة ان ننطلق من خلال فكر الطرف الآخر ومن ثم نجري تعديلات تدريجية ولكن مستمرة ودقيقة وفق آلية واضحة تضمن لنا الوصول إلى الهدف لا أن نحاول اقناعه بما نريد فيتظاهر بصلاح الحال طلباً للخلاص وهو في قرارة نفسه رافض وممانع للفكرة المطروحة ولا يرى أهلية من يحاوره وبالتالي تضيع الجهود ويهدر الوقت دون طائل والنتيجة مزيد من الإرهاب والتدمير واستمرار الجدل العقيم الذي يزيد من حجم الهوة ويعمق الإحن والأحقاد .إنه من الواجب على برامج المناصحة أن تعيد تقييم برامجها وأدواتها وتعمل على تحديثها وتطويرها وتلافي السلبيات السابقة بشكل مستمر مستفيدة من هذه الخبرة المتراكمة التي تقارب العشر سنين حتى لا تسهم عن حسن نية في مزيد من المشاكل عبر إطلاق دفعات جديدة من معتنقي هذا الفكر وهم غير جاهزين للخروج بعد.
نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل مكروه وأن يرحم الشهداء الذين ماتوا دفاعاً عن وطنهم ومقدساتهم.
Email: [email protected]
Twitter : omarweb1@
التصنيف: