[COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR]

حالة طبيعية أن تنتقد ما لا يعجبك في أداء جهة حكومية أو خاصة، وكثيرًا ما نرى ونسمع مراجعاً متذمرًا أو يتمتم بشكوى وهو خارج من جهة لم تنجز له معاملة تخصه في حياته ورزقه، ناهيك عن مشكلات عامة كتدني بعض الخدمات أو عدم الاستجابة للعديد من الشكاوى، وهنا يكون دور الصحافة لكشف القصور وتسليط الضوء على مظاهر إهمال وأخطاء أو فساد، وأيضًا دور الإعلام الإلكتروني الذي دخل على الخط بقوة وتأثير.
وبرغم أن بعض الجهات التنفيذية تتحرك بسرعة لإزالة أسباب الشكوى إن كانت حقيقية، إلا أن هناك جهات أخرى تتعامل بأذن من طين وأخرى من عجين على اعتبار أنه (كلام جرايد) وأن ذاكرة الناس ضعيفة أو أنهم (مساكين وطيبين) اعتادوا على الصبر والتكيف مع المشكلات.
فبعض المسؤولين ينظرون للشكوى بجدية ويحترمون صاحبها باعتباره صاحب حق، وعلى النقيض هناك مسؤولون ينزعجون، بل ويغضبون، من أي خبر ينبش المستور من إهمال وأخطاء أو فساد، لترد العلاقات العامة بإداراتهم أن المشكلة مبالغ فيها أو جاري حلها.. هكذا بكل بساطة.
الحقيقة أن التعامل مع المشكلات بفرشاة دهانات، لا تصحح إهمالاً ولا تعالج أخطاءً، إنما توفر بيئة خصبة للترهل والنفاق الإداري، وذلك لكونها مجرد عمليات تجميل سطحية لبشرة الإدارة ووجهها من أجل إخفاء العيوب والثغرات، فتكون الإدارة في واد والواقع في واد آخر، وبالتالي لا حياة لمن تنادي. وفي الفترة الأخيرة لاحظنا اتجاه الأجهزة الحكومية لتعيين متحدث رسمي مكلف بالتواصل وإصدار التصريحات عن إدارته، لكن الخشية أن يتحول هذا الدور مع مرور الأيام إلى روتين العلاقات العامة في مهمة التجميل وليس الحل بسرعة وجدية ومتابعة.
ليت كل الجهات الخدمية تتعامل برؤية وقائية وتحترم حق المراجع وتتفاعل مع الشكاوى، وتعمل على تطوير الأسلوب وأداء التقييم العملي، إضافة إلى الابتكار في الخدمات وتنفيذ الدراسات المستقبلية، بدلاً من المعاناة وتراكم السلبيات والتي لا تخلق إلا شكاوى تبحث عن حلول.
التفكير الإيجابي مهم لكل إنسان في حياته العامة والخاصة، وفي الإدارة والأداء الوظيفي بدرجة أكبر، ولو كان لدينا هذا المبدأ بالقدر الكافي كثقافة وظيفية خدمية أو إدارية، لما تراكمت مشكلات كثيرة في الأحياء السكنية والشوارع العامة وما فيها من اختناقات ومشكلات مرورية تتفاقم يوماً بعد يوم.
إن الدور المنشود من أية إدارة ليس إطفائياً للمشكلات، وإنما يجب أن يكون وقائياً بالتخطيط المستمر والتنفيذ والمتابعة والارتقاء في الأداء لتحسين الخدمات والمرافق، وما نرجوه حقًا أن يعمم هذا الفكر الإداري ليتفاعل معه المجتمع بثقافة احترام الأنظمة، وأن نبصر في المستقبل القريب على رؤية أفضل لمواقع المباني الحكومية الخدمية، وما تتضمنه من مواصفات وتجهيزات وساحات كافية للمواقف، وكل ذلك ليس من المستحيل تحقيقه، فنحن نرى ذلك في العديد من الدول المتقدمة التي لا تزيد عنا في الإمكانات والطاقات.
كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *