[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]

أخيرًا فعلها الإخوان بعد خسارتهم لكل شيء بعزل مرسي وتقديمه للعدالة، ولعبوا بورقتين أخيرتين: الأولى بإطلاق يد الإرهاب في كل مكان بمصر، والثانية تسهيل مهمة الضغوط الأجنبية الهائلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولغرض في نفس الغرب وتركيا الذين يدفعون بقوة إلى استمرار العنف والإرهاب لتبرير تدخلهم ومن ثم مشروعهم في المنطقة.
من هنا جاء الموقف التاريخي الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين والذي أكد فيه على أن المملكة العربية السعودية شعباً وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية، ودعم حقها الشرعي لردع كل عابث أو مضلل للبسطاء، محذرًا – حفظه الله – كل من تدخل في شؤونها الداخلية بأنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي يدعون محاربته، آملاً منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان.
إذا كانت الحكمة تقول (الصديق وقت الضيق) فما بالنا بوشائج الأخوة والروابط التاريخية بين المملكة ومصر، وهما قطبا الرحى لقوة الأمة، وما بالنا بمملكة الخير.. قلب الأمة وضميرها الحي.. وهي ترى بألم مصر العزيزة في أتون أخطار داخلية مروعة، وتتعرض لمؤامرة كبرى تستهدف استقرارها ومقدراتها بنظرية الفوضى، وأحداث جسام وصفها الملك عبدالله بأنها \”تسُر كل عدو كاره لاستقرار وأمن مصر وشعبها، وتؤلم في ذات الوقت كل محب حريص على ثبات ووحدة الصف المصري الذي يتعرض اليوم لكيد الحاقدين\” وهذا الموقف الأصيل استقبلته مصر رسميًا وشعبيًا بعظيم التقدير، وتناوله المراقبون والمحللون برؤية عميقة كرسالة قوية مقرونة بالمواقف الجادة تشد من أزر مصر، وعين حمراء لكل من يكيد لها من الأعداء.
الأمر المؤكد أن تنظيم الإخوان في فكره ومخططه أصيب في مقتل، وهذه هي الأزمة الأكبر القاصمة للجماعة على مدى تاريخها، ومن هنا تكشفت دوافع إصرار العواصم الراعية لهم على تكثيف الضغوط ولغة التهديد والوعيد للقاهرة.
وهنا تأتي أهمية لقاء سمو الأمير سعود الفيصل بالرئيس الفرنسي في باريس، والذي أسفر عن تغير فرنسي من التشدد إلى التوازن، باتفاق المملكة وفرنسا على منح خارطة المستقبل في مصر فرصة لتحقيق الأمن وإجراء انتخابات مبكرة، وتصريح عاجل لــ (سيد الإليزيه) بأن احترام حرية التظاهر يجب أن يقابله احترام الأمن، وهي نتيجة مهمة حققتها المملكة قبل ساعات من اجتماع الاتحاد الأوروبي أمس (الاثنين) لمراجعة علاقته بمصر.
إن من يبني يصعد ومن يحفر يهبط، والإخوان حفروا كثيرًا وطويلًا لبلادهم مكرًا وإجرامًا، وفي الحقيقة أنهم حفروا لأنفسهم بحماقات ورهانات خارج العقل على حساب أمن وسلامة بلادهم، فقبروا أنفسهم وتنظيمهم بأيديهم.. أما آخر عجائب وغرائب الإخوان للمغرر بهم، فهي: أن من ينال الشهادة دفاعًا عن الجماعة التي تمثل الإسلام، سيرى في قبره الرئيس مرسي.. صحيح العقل نعمة، لكن لأصحاب العقول!!. وبإذن الله ستتجاوز مصر محنتها وتعبر بأمان.

كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *