أمطار الأسبوع الماضي استهلت الموسم باختبار (قدرات) لمدننا في كافة المناطق، بعضها تجاوزته بصعوبة شديدة ومعاناة وخسائر ، وأخرى رسبت كالعادة مثل جدة التي ارتبكت خلال الدقائق الأولى من المطر لتتنفس تحت الماء بعد ساعتين مما يدعو للمحاسبة على أية خسائر بشرية ومادية ، ولولا رحمة الله ولطفه بنجاح السدود الجديدة في حجز وتصريف السيول الجارفة المنقولة ، لكانت كارثة ثانية تضيف قائمة جديدة أمام القضاء الذي سيعيد في الرياض اجراء محاكمة المبرئين في فاجعة جدة عام 2009م.
لنمسك الخيط من أوله: كم من الاجتماعات عقدتها الأمانات وبلدياتها للاستعداد ؟ وكم من اللجان تشكلت ، ومن التكليفات وزعتها، ومن المحاضر نسختها ، وكم من التصريحات نشرتها ؟ وأخيرا والأهم مالذي تحقق منها؟! أمطار الثلاثاء هي من أجاب على أرض الواقع.
المؤلم أو المضحك وأحيانا (شر البلية مايضحك) انشغال امانة جدة والكهرباء بتبادل الاتهامات فأوقدوها ناراً بين سكان تويتر والفيسبوك ، ومنهم من تجادلوا كأهل زمن الروقان ( مين السبب في الحب ، القلب والا العين؟! ) بينما جدة تستصرخ تحت المطر.
نموذج آخر من الوقع يدل على الذين يقولون مالا يفعلون: مؤخرا وقبل الأمطار بأسابيع قرأنا تصريحات لمسؤولي الأمانة تؤكد باليقين (وناقص يقسموا عليها) أن خطة الاستعدادات لموسم المطر اكتملت ، وأبرز مافيها (انتبهوا للكلام):إعادة تشكيل لجنة الأمطار والسيول وتخصيص(1600) عاملا و512 آلية ومضخة شفط ، وتنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل رئيسية ، الأولى قبل الأمطار وتتعلق بتقارير الأرصاد.. والثانية ترتبط بهطول الأمطار وتوزيع الأفراد على المواقع وسحب المياه بالمضخات والناقلات والمتابعة الخ… أما المرحلة الثالثة فهي معالجة آثار وتداعيات الأمطار.
خطط ولا أروع وكأنها تقول (الميدان ياحميدان) وجاء المطر وتحولت على امتداد أحيائها وشوارعها إلى أكبر قاعة اختبار صعب بغرق جدة ، وهنا لامعنى لخطط دون الواقع ، وأبسط دليل بالمشاهدات والصور الحية وجود فتحات كثيرة للشبكة في بعض الأحياء تعاني الانسداد والكتمة ، يعني لم تتفقدها لجنة ولا خطرت على عقل بشر منها ، لذلك جاء الفشل سريعا للخطط والسقوط مدويا للتصريحات ، وكأنها من (زبدة) سالت مع المطر في ساعتين غابت خلالهما شمس الثلاثاء الماطر ، بينما الدفاع المدني تواجد بمسؤولية كعهدنا به في المواقع برجاله وامكاناته وكذا المرور في بعض المواقع ، ولهم جميعا كل التقدير.
في الفاجعة السابقة قبل ست سنوات كانت جدة مكلومة بالسيول ، واليوم موجوعة ومصابة بالمطر في شوارعها ، ولا تزال تدفع ثمن أخطاء فادحة بغياب التخطيط المستقبلي وعثرات تنفيذ وتأخر مشاريع ، فلازلنا نقرأ تصريحات بلغة (سوف) وإعداد دراسات تكلف ملايين ، وقولوا لهم “ان شاء الله”.
مشكلة المشاكل مع أزمات الأمطار تكمن في التصريحات الاستهلاكية (وأعلى مافي خيلها) وايتات صرف ومواطير شفط دون علاج حقيقي باستكمال شبكة تصريف الأمطار والسيول ، تعمل مع شبكة السدود التي حققها وتابعها ميدانيا رجل الإنجاز سمو الأمير خالد الفيصل، وليت هذه الإرادة تنتقل روحها إلى الجهات المعنية بدلا من خطط طوارئ تفضحها الأمطار بهذا الشكل المزري. لك الله ياجدة ثم مخلصينك ، ونستبشر خيرا محاسبة وانجازا ، بتوجيهات ملك الحزم والعزم حفظه الله ، وحفظ وطننا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *