الأقصى وحسم المعركة إعلاميًّا

Avatar

[COLOR=blue]عماد الإفرنجي [/COLOR]

يبدو أن الكيان العبري قد شرع في التنفيذ الفعلي لما سعى إليه على مدى سنوات طويلة، ألا وهو السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى.لم يعد الأمر يتعلق فقط بعمليات تهويد الأماكن، وتغيير معالم المدينة المقدسة، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، والحفريات والأنفاق المتزايدة تحت المسجد الأقصى، بل اتخذت خطوات متقدمة على الصعيد السياسي بتشريع لجنة \”الداخلية\” بـ(الكنيست) السماح لليهود بأداء ما يسمى \”شعائرهم التلمودية\” داخل المسجد الأقصى ودخوله متى يريدون، وخطوات أخرى على الصعيد الميداني بأسر وإبعاد قادة الحركة الإسلامية في الداخل عن القدس، وزيادة وتيرة الاقتحامات للمسجد الأقصى، وأداء طقوسهم فيه.الأخطر،بتقديري،هو نجاح الكيان العبري إلى حد ما عن طريق دعايته السوداء في جعل العقل الفلسطيني والعربي والإسلامي، وكل متلقٍّ للرسالة الإعلامية يرى أن اقتحام اليهود للمسجد الأقصى أصبح أمرًا اعتياديًّا مقبولًا في ذهنيته، لا يستثير فيه أي نخوة أخلاقية أو دينية أو وطنية أو عربية، ما يدق ناقوس الخطر أمام شعبنا وأمتنا.ففي الوقت الذي يستخدم فيه النظام العربي الإعلام للترويج لسياساته عمل الاحتلال على تغييب العقل العربي والعقل البشري عن طريق دعايته، وإعلامه، ودبلوماسييه في الخارج ليمرر عليهم اقتحام المسجد الأقصى، ومحاولات تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا لمصلحة اليهود، مستغلين بقوة الغطاء الذي وفرته لهم المفاوضات، وما يجري في الدول العربية وانشغالها بنفسها، وخاصة مصر وسوريا، هكذا تسير الأمور دون أية ردة فعل أو موقف أو بيان شجب أو استنكار.
الكيان العبري نفذ بجدارة ما جاء في كتب \”سيكولوجية الجماهير\” للمفكر الفرنسي غوستاف لوبون، و(بروبوغاندا) للأمريكي إدوارد بيرنيس، و\”المتلاعبون بالعقول\” لهيربرت شيلر، وسار على خطى وزير دعاية النازية جوزيف جوبلز، فهم من أصبحوا يصنعون ويوجهون الرأي العام بالاتجاه الذي يريدون.الأقصى أصبح اليوم وحده في الميدان، والمسلمون بعضهم لا يعرف حتى الفرق بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، فالمسجد الأقصى هو كل ما داخل السور الذي مساحته 144 دونمًا، وليس فقط المسجد القبلي ذا القبة الفضية، أو مسجد قبة الصخرة ذا القبة الذهبية، وأخشى،إذا ما أقدم اليهود على جريمة بحق الأقصى، وشاهد العالم قبة الصخرة موجودة ألا يتأثروا وكأن شيئًا لم يحدث.
لم يعد أمر اقتحام الأقصى أو انهيار جدار فيه أو إغلاقه يعني كثيرًا من وسائل الإعلام العربي، ولا تراه يستحق البث خبرًا عاجلًا لاستفزاز المشاهدين، ولم يعد مشهد تجول المئات من جنود الاحتلال وسوائب المستوطنين والحاخامات المجرمين مشهدًا يثير النخوة والغيرة .كم فلسطينيًّا أو عربيًّا يتابع ما يجري بالمسجد الأقصى؟، وكم وسيلة إعلام تنقل ما يحدث فيه؟، وكم تظاهرة ومسيرة تضامن معه؟، وكم خطبة جمعة في عالمنا الإسلامي تتحدث عن الأقصى؟، وكم منا يعرف عن المرابطين داخل الأقصى والحرب التي يشنها الاحتلال عليهم؟، النتيجة المؤلمة هي حالة من عدم المبالاة تسيطر على مشهد قبلة المسلمين الأولى.
الإعلام أصبح القوة الأولى في العالم، وأعظم من كل الترسانات الحربية، وعدونا يستثمره أفضل استثمار، وإعلامنا العربي غارق في الرفاهية والمسابقات والأفلام والأغاني، وترك الأقصى بمفرده في المعركة، فالمعارك اليوم تحسم على الشاشات ووسائل الإعلام قبل أن تحسم على الأرض؛ فهل من متعظ؟!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *