الأقصى في كنف المرابطين

Avatar

[COLOR=blue]لمى خاطر [/COLOR]

لستُ أرغب بتخيّل الحال الذي سيكون عليه الأقصى، بمساجده وساحاته ومرافقه وحِماه لو أن الله تعالى لم يهيّء له تلك الثلة المباركة من المرابطين في ساحاته والمعتكفين في رحاب مساجده؛ القبلي وقبة الصخرة والمرواني، ولو أن قاصدي مصاطب العلم فيه لا يبّثون الحياة ونفحات الإيمان في جنباته كلّ حين.
منذ سنوات بعيدة بات دخول الأقصى محرّماً إلا على أهل القدس ومناطق الـ 48، وهؤلاء استشعروا حجم الخطر المحدق به فارتفع في عروقهم منسوب الانتماء له، وعرفوا معنى أن يكونوا واجهة الدفاع الأساسية عنه وراية استنهاض المسلمين لأجله وجلب أنظارهم لبقعته المهددة والمستباحة. وعلى رأس هؤلاء الشيخ المجاهد رائد صلاح وصحبه، والذي ظلّ عنوان التجييش للدفاع عن الأقصى حتى وهو مبعد عنه، لدرجة أن اسمه اقترن بالأقصى وحلّت روحه بين ساحاته ومساجده التي عمل طويلاً على ترميمها، وتعهدها بالرعاية والإعمار.
بفضل هؤلاء، لم يتحوّل الأقصى إلى معلم تراثي مهجور، ولا تكاثرت في أركانه بيوت العنكبوت، ولم تنجح نصال الاحتلال في تقسيمه وتفتيته أو زرع النجمة السداسية فوق قبابه، وظل الهيكل المزعوم خرافة تتقلب حقداً في صدور الحاخامات!
مرابطو الأقصى يستحقون اليوم لقب حماته، لأنه بات في كنفهم آمناً من الغدر، وغدت جولات مواجهتهم المحتل من ساحاته ناقوس تذكير للأمة كلّها، حتى وحواضرها الأهم مشغولة بجراح إنسانها التي ما برئت بعد، والتي تخطّ عِبراً جديدة تؤكّد أن الشعوب المستهدفة في كرامتها لن ينتظر منها أن تنجد المقدّسات قبل أن تستردّ حريتها من أنياب سالبيها، وتطيح بأوثان العبودية المشيّدة بين ظهرانيها!
أيها المرابطون في الأقصى..
لكم كلّ نسمة افتخار تجود بها صباحات فلسطين، وكلّ حمحمات الحنين في صهلة الجياد المقيّدة!
على وثيقة عهدكم نوقّع ونفوّضكم بتمثيلنا، لأنّكم لا تخبّئون سيوفكم، ولا تدَعون مضاءها يهترئ في غمد الانتظار!
أنتم شوقنا المقيم للمسرى، ومهبط أنظارنا عندما يلاحقها سأمُ المشاهد المعتادة!
الاعتكاف في عرفكم لم يعد حالة تعبّدية مجردة عن الفعل، بل صار حالة سامية من التقرّب إلى الله يمتزج فيها الدعاء بالفعل، والصلاة بالجهاد، وقيام الليل بالحراسة في سبيل الله، وإطالة السجود بالتزود بجلد المواجهة وزادها.
هل يجب أن نغبط الأقصى على حماته؟ أن نغبط حماته لأن الله خصّهم بالرباط في أكنافه القريبة، أم عموم أهل فلسطين لأن التاريخ لن يُسجّل أن أقصاهم ومسرى رسول الله تُرك وحيداً يواجه صلف التهويد بحجارته وحمائمه وأشجار ساحاته؟!.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *