الأشْهُرْ الحُرُمْ… وفضائلها
[COLOR=blue][ALIGN=LEFT]نبيه بن مراد العطرجي[/ALIGN][/COLOR]
قارب العام على الرحيل، فلم يبق منه سوى القليل، وما هي إلا أيام وليالي ونودعه إن كان في العمر بقية، فنسمات الرحمن هلت، وبمواسم الخير علينا طلت، فقبل أيام قليله استقبلنا أول أيام الشهور الحُرُمْ المتتالية (ذو القعدة – ذو الحجة – المحرم) ورجب شهر منفرد، وسميت هذه الأشهر الأربعة حُرُماً لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها، ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره : وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة : ثلاثة سرد، وواحد فرد، لأجل مناسك الحج والعمرة، فَحُرِمْ قبل شهر الحج شهر وهو (ذو القعدة) لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرم بعده شهر آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه آمناً، وقد حرم الله فيها القتال إلا ردًّا للعدوان، والظلم فيها أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وفيها تُضاعف الحسنات كما تُضاعف السيئات، روى ابن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال – اختص الله تعالى أربعة أشهر جعلهن حُرُماً، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيها أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظم، وخص الله تعالى الأربعة الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وإن كان منهياً عنه في كل زمان – وفي هذا تبيان واضح على أنه ينبغي علينا أن لا نجعل مواسم الخير تمر بنا دون أن نستثمر أيامها ولياليها في جني الحسنات منها، وأن لا يكون هدفنا في هذه الحياة دنيوياً حيث نبحث عن التكاثر الذي ألهانا عن فعل الخيرات والأعمال الصالحة، ونسعى فيها لجمع المال دون النظر لما سوف نحصده يوم الحساب، وهذا من الظلم لأنفسنا الذي نهانا الإسلام عنه، ومن السير في سبله، ولو نظرنا إلى فضائل الأشهر الحرم المتتالية لوجدنا أن فيها خيرات جمة، وفضل العبادة فيها له مضامين شرعية واجتماعية عديدة حيث تؤدى فيها فريضة الحج، وتتضمن أيام عشر ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم عيد الأضحى، وأيام التشريق التي يسن فيها ذبح الأضحية، ويوم عاشوراء، ولا يخفى على أحد فضائل هذه الأيام المباركة، فحري بنا معرفة فضائل هذه الأشهر الحُرُمْ، وإعطائها حقها وقدرها من التعظيم والإجلال.
ومن أصدق من الله قيلاً {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
ناسوخ: 0500500313
التصنيف: