الأسوأ .. والأحسن ..؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي خالد الغامدي [/COLOR][/ALIGN]
* منذ شهور طويلة وإحدى الشركات الكبرى تدرس باهتمام فكرة تقديم جائزة لأسوأ موظف لديها بعد أن حققت تقدماً – ملحوظاً، وملموساً – أثناء عملية تقديمها لجائزة \”أحسن موظف\”..وأثمرت جهودها عن تسابق الموظفين لنيل هذه الجائزة.
وهذه الفكرة السيئة ليست بجديدة علينا – حسب المصدر الذي نقلها – فهناك ثلاث مؤسسات على الأقل تقوم بتطبيق منح جوائز لأسوأ الموظفين لديها على أساس أن يتداركوا وضعهم، ويعملوا على تحسين صورتهم، تمهيداً للخروج من \”قائمة الأسوأ\” والدخول في \”قائمة الأحسن..؟\”.
وهذا أسلوب غربي بدأ يصل إلينا، وساهم الإعلام المرئي، والمكتوب في نشره، وتعميمه، وإذا أردنا التقليد فعلينا أن تكون جوائز الأسوأ بنفس مستوى جوائز الغرب \”جوائز ذهبيّة قيمة، وتحيط هذه الجوائز عملية تقدير، واحترام تصاحبها الروح المرحة\”..!
وأنا لا أميل إلى هذا النوع من \”التقاليع الغربية\” التي تجري فيها الاحتفالات بإطلاق أسماء أسوأ ممثل، وأسوأ ممثلة، وأسوأ مخرج، وأسوأ مخرجة، وأسوأ مصور، وأسوأ صورة لسببين: الأول هو وجود أذواق، وأفكار قد ترى هذا الأسوأ بالنسبة لها حسناً، والثاني أن عملية \”الأسوأ\” تحتاج إلى جهد مُضاعف مقارنة بالأحسن وهذا يتطلب كفاءات – غير عادية – تتمتع بالجرأة الشديدة، والشجاعة النادرة لاختيار الأسوأ، ومنحه جائزة بالإضافة إلى أن اختيار الأسوأ قد يقفل الباب نهائيّاً في وجه الأشخاص الذين تم تصنيفهم في قائمة الأسوأ لتجاوز هذه المرحلة السوداء خاصة بعد انتشار \”الخبر\” بين زملائهم الموظفين الذين يخشى أن \” ينتهز\” بعضهم الفرصة فينال من \”سمعتهم\” و\”سلوكهم\”.. وقد تصبح عملية فوزهم بجوائز أسوأ موظف موضوع \”تندّر\” بين الموظفين باعتبار أن الجوائز معلنة بينما تكون خطابات الإنذار، والتوبيخ لبعض المقصرين، والمهملين \”شبه سرية\” مما يخفف من آثارها.
وأعتقد أن العرب هم أول من اخترع حكاية الأحسن، والأسوأ \”وإن كان ذلك في مجال الشعر\” فقد اختلف شاعران يخوضان التجربة للمرة الأولى فيمن قصيدته أحسن من الآخر فقررا أن يحتكما للإمام الأصمعي، وبالفعل بدأ الشاعر الأول إلقاء قصيدته، وفجأة طلب منه الإمام الأصمعي أن يسكت، وقال: صاحبك أحسن منك، فغضب الشاعر، وردّ عليه: لم تسمع قصيدتي للنهاية، ولم تسمع بيتاً واحداً من قصيدة صاحبي فكيف تحكم بأن قصيدته أحسن من قصيدتي؟ فقال له الأصمعي: لا يوجد أسوأ مما سمعت، وبناءً على ذلك فإن قصيدة صاحبك أحسن.
وجائزة الأسوأ، وجائزة الأحسن – اليوم – في حاجة إلى ألف أصمعي يملك جرأة الأصمعي الأول، وشجاعته، ونفوذ رأيه \”بعد أن اختلط الحابل بالنابل\” و\”النابل بالحابل\” وصرنا في حاجة إلى إعادة تقييم، وتصحيح، وتنقية، وتصفية في كل المجالات، وليس في مجال واحد \” سواء وضعنا لهذه المهمة جوائز، أو تركناها هكذا بدون جوائز\”..!
التصنيف:
