الأستاذ .. صلاح
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]خالد الحسيني[/COLOR][/ALIGN]
يُغيب \”الموت\” أشخاصاً نتمنى لو أراد الله باستمرارهم في الحياة مهما بلغت بهم سنوات هذه الحياة.. لأسباب ما عرفته عنهم من حُسن خلق وسلوك وفائدة.. من هؤلاء الأستاذ الكبير الإعلامي محمد صلاح الدين أو كما عُرف بين الناس \”الأستاذ صلاح\” غادرنا الأستاذ ونحن ننتظر أيام العيد ونودع شهر رمضان، غادرنا بهدوء يشبه هدوئه وصمته حتى أن \”جنازته\” في مكة المكرمة شهدها أحباؤه الخُلَّص ومضى الأستاذ إلى رحاب رحمة الله بعد معاناة مع المرض داخل وخارج البلاد. مضى في شهر كريم وأيام وساعات مباركة ووري في مكة المكرمة التي أحبها وعشقها وبدأ حياته الصحفية فيها.. ووري بالقرب من \”مسجد الدندراوي\” الشهير في العاصمة المقدسة والذي يعود لأجداده .. غادر \”صلاح الدين\” الدنيا وترك سيرة عطرة وأصدقاء وأهلا وتلاميذ يتحدثون عنه أحاديث الخير ويروون عنه قصص الصفات الرائعة التي التزم بها سنوات حياته.. اقتربت من الأستاذ صلاح في العقدين الأخيرين من حياته بل وعرفته عن قرب في العقد الأخير ووقفت على رجل كريم مؤدب يميل إلى الصمت لا يتحدث إلا إذا طُلب منه ولا يبادر هو بالحديث رغم ما لديه من ثقافة واسعة واطلاع بأمور الحياة وإذا طُلب رأيه تحدث لدقائق وعاد لصمته .. رجل يبادر لطلبك بالهاتف للسؤال عنك إذا غبت عنه بل ويبادر برد اتصالك إن اتصلت ولم تجده ولا يمكن أن يعاود اتصاله بك دون أن يعتذر عن عدم رده وهو الذي يبادر بالاتصال إن قرأ لك مقالاً أو خبراً وينقل اعجابه ويستمع بكل أدب إلى ما تتحدث به.. لم أشهد صلاح الدين يُقاطع متحدثاً أو يطيل في الحديث وهو الذي يستقبلك بكل ود عندما تقابله في أية مناسبة ويشعرك بقربه منك وفرحته بلقائك.. ولقد قرأت ما سجله أصدقاؤه ومعارفه بعد وفاته ووجدت أن الناس نقلوا صفات الأستاذ التي أجمع كل من عرفه عليها لأنها كانت سمة من سماته ومن عاداته.. ولم أسمع عن هذا الرجل ما يسيء له وكأنه الاجتماع على حُسن خلقه والاعتراف بما قدمه للعمل الصحفي وعلى مدى أكثر من نصف قرن. كنت أواصل الاتصال بابنه \”عمرو\” في أمريكا أثناء علاجه وكنا ننتظر عودته وعاد الأستاذ صلاح في نهاية شهر رمضان وكأنه شعر أن هذه العودة يجب أن تكون هذه المرة مهما كانت ظروف العلاج وشدة المرض.. عاد الأستاذ صلاح وفرحنا بعودته ثم فاجأنا بغيابه غياباً أبدياً لكنه ترك لنا القدوة الحسنة والصفات الرائعة ومدرسة صحفية متكاملة.. رحم الله الأستاذ صلاح الدين وغفر الله له وأثابه وعوضنا فيه كل خير وجمعنا به في جناته.. والعزاء لرفيقة دربه وأولاده وبناته ولكل أحبائه الذين بكوه وتألموا لفراقه ولكنها إرادة الله التي لا راد لها.. ويستحق الأستاذ صلاح بعد سنوات طويلة قدم فيها الكثير للإعلام والصحافة والثقافة أن يخلد ذلك من أحبائه وتلاميذه بإصدار كتاب توثيقي عن حياته ومراحلها وإن نحتفي به بإطلاق اسمه على إحدى القاعات الثقافية في نادي مكة المكرمة الأدبي في مقره الجديد واطلاق اسمه على الشارع الذي يسكن فيه في جدة وهذا في رأيي شيء بسيط نظير ما قدمه لوطنه وأمته.
التصنيف: