[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

** كان ذلك في منتصف الثمانينات الهجرية، عندما دلفت الى تلك \”القاعة\” المستطيلة في مطابع الشربتلي طريق مكة المكرمة كان في جانبها الشمالي \”غريفة\” صغيرة مفتوحا منها كوة صغيرة تطل على تلك \”القاعة\” يجلس فيها \”الحاج\” وهو خطاط الجريدة وفي جانبها الجنوبي هناك باب يفتح على غرفة بها مكتبان.. كان يجلس على أحدهما رئيس التحرير وكان الآخر يجلس عليه مدير التحرير الذي كان ينصت الى اذاعة لندن من خلال ذلك المذياع الكبير بني اللون كان حاسر الرأس تطل من عينيه نظرات الانتباه لما يدور حوله عندما قدمني اليه حبيبنا \”هاشم عبده هاشم\” قائلا له هذا هو فلان: وقف من خلف مكتبه محيياً مبتسماً في وداعة.
كان شديد التهذيب قليل الكلام .. لكنه كان صارماً في عمله لا يخلط هذا بذاك كانت له عباراته الحاسمة والدقيقة في توجيه المواد: الى أبي السباع مع الاهتمام او الحبيب ابي أيمن. او ابي أنس. كان كثير الصمت لكنه الصمت \”الضاج\” بالمعرفة كان حازماً رغم هدوء مظهره شديداً في اتخاذ قراراته رغم ابتسامته المهذبة.
كان عندما يكتب تشعر بأنه يعيش لحظة هدوء ينعكس ذلك على رونقة \”خطه\” الجميل والذي نادراً ما \”تخربشه\” شطب جملة أو حذف كلمة فمسودة الموضوع هي بياضة لتسلسل افكاره وترابطها لكونه يمتح من مخزون علمي غزير وثقافة عميقة يصاحبها رؤية صافية. فهو لا يلين امام العواتي ودواهي الزمان، كان ضحية لوثوقه في كثيرين ممن تعامل معهم ولكنه لا يتوقف امام كل ذلك بل كان يبرر اخطاءهم في حقه اذا ما ذكروا أمامه في عفة قول ونظافة يد.
كثيراً ما كان يتناوم في بعض المجالس اذا ما اخذ الحديث في النيل من انسان غير موجود في ذات المكان. كان صبوراً لا يعرف الضجر سبيلاً إلى نفسه، يغرق نفسه في الشأن العام لكنه اغراق المؤمن بما يقوله ويفعله. ذات يوم وكان حبيبنا ابو السباع كما كان يحلو له أن يناديه :أقصد الاستاذ سباعي أحمد عثمان رحمه الله وكان مسؤولاً عن صفحة دنيا الأدب بكل بهرجها أن نسي إحدى القصائد التي كان حريصاً عليها الاستاذ: فما كان منه إلا أن قال له يا أبا السباع أرجو أن لا تنسانا مرة أخرى هكذا كان:
إنها أخلاق المؤمن انه الاستاذ الكبير محمد صلاح الدين أعاده الله لنا سالماً معافى بإذن الله.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *