الأزمة المالية في اليونان تعصف بوسائل الإعلام
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مارك لوين [/COLOR][/ALIGN]
تواجه وسائل الإعلام اليونانية تحديات خلال تغطية أحد أكثر الفترات صخبا للأنباء في البلاد مع تعثر الاقتصاد وما يسفر عنه من أثر على المجتمع.
ونظرا لخفض النفقات وتراجع الإيرادات تواجه وسائل الإعلام اليونانية ضعفا خلال تغطيتها الأزمة.
وتبرز قناة (ألتر) مثالاً على تردي الأوضاع بعد أن جدبت الاستوديوهات من الأنشطة، وأظلمت غرف التحكم وأوصدت الأبواب إلا من لافتة تقول: \”العاملون (بقناة) ألتر ليسوا عبيداً\”.
لم تكن هذه القناة الشهيرة قبل تسعة أشهر سوى خلية نشطة تعج بالعاملين الذي دأبوا على تناوب ورديات العمل ليل نهار، غير أن إنتاج البرامج قد توقف وانقطعت إشارة البث، لتلقي الأزمة بظلالها على إحدى وسائل الإعلام في البلاد.
تعد قناة (ألتر) مثالاً تقليدياً على ما آلت إليه اليونان ووسائل إعلامها من أوضاع سيئة.
لم يكن ملاك القناة سوى مجموعة من رجال الأعمال الإعلاميين ممن حصلوا على قروض لا حصر لها لبناء امبراطورية تضم صحفاً ومحطات إذاعية وقنوات تلفزيونية.
يواجه بعضهم تهم التهرب الضريبي، في حين يقضى أحدهم عقوبة السجن بعد إدانته.
ودفع الركود الاقتصادي وتراجع عائدات الإعلانات القناة إلى عجزها عن الوفاء بما اقترضته، بعد أن قدر أحدهم مديونية القناة بـ500 مليون يورو.
ويضيف سبايريس أن أوضاع قناة (ألتر) بمثابة \”نموذج مصغر لكل شئ فسد في اليونان، واستشراء جنون الحصول على المال الذي لا تملك منه البلاد شيئاً.\”وسقطت وسائل الإعلام الأخرى في هوة المأزق ذاته بعد أن طالت الأزمة المالية اليونانية جميع القطاعات في المجتمع، وثمة تقديرات تشير إلى خفض 4000 وظيفة في وسائل الإعلام منذ حدوث الركود الاقتصادي.
وربما من أكثر الأمثلة الصارخة على ذلك إغلاق صحيفة (الفثيروتيبيا) اليسارية اليومية المرموقة.
كانت الصحيفة قد تأسست بعد سقوط الدكتاتورية في اليونان عام 1975، وبرزت الصحيفة على الساحة كثاني أبرز الصحف قراءة في البلاد، حيث تجاوز عدد العاملين بها 800 موظف.
وكانت الصحيفة صوتا نادراً يعبر عن الاستقلال والحيادية، لكنه صوت صمت في أشد أوقات الحاجة إليه.وتحتل البلد الذي اخترع فكرة الديمقراطية في حد ذاتها حالياً المرتبة السبعين على قائمة حرية الصحافة التي أعدتها منظمة صحفيين بلا حدود، بعد أن تراجعت أربعين مركزاً خلال السنوات الخمس الماضية.
ويتوق اليونانيون، المتضررون بأسوأ أزمة مالية في تاريخ البلاد الحديث، إلى مصدر أمين للمعلومة.
كما تترسخ لديهم رغبة في تحرير وسائل الإعلام من سبل التضليل مع انتشار المدونات ومحطات الإذاعة المحلية كوسائل ناجحة بديلة.
وتنهض هذه الوسائل البديلة بسد الفراغ وتحليل تعقيدات الأزمة على نحو أخفقت معظم وسائل الإعلام المعروفة في تناوله سابقاً.
يقول نيكوس زيداكيس، رئيس تحرير صحيفة (كاثيميريني)، إحدى الصحف اليومية الأخرى المرموقة، إن الصحافة التقليدية \”لم تتكيف مع المشهد الجديد لوسائل الإعلام الاجتماعية، كما أن بعض كبرى المؤسسات الإعلامية تستأثر بها شركات تدفع بتوجهاتها الخاصة في الصحافة.\”
وأضاف أن وسائل الإعلام باتت لفترة طويلة \”تتصرف كأنها الحكومة، وهي الآن تدفع ثمن ما اقترفته.\”
بالطبع يثار جدل بشأن حالة التشبع التي انتابت المشهد الإعلامي اليوناني في الماضي، فهذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 10 ملايين نسمة لا يحتاج إلى 12 قناة تلفزيونية وما يربو على 20 صحفية قومية إلى جانب عدد لا حصر له من المحطات الإذاعية، الأمر الذي جار دون شك على جودة المحتوى الإعلامي.
وربما تفضي الأوضاع إلى تقليص حجم وسائل الإعلام في اليونان كحال معظم المؤسسات الأخرى في البلاد.
التصنيف: