عانى المجتمع الأسترالي مما بات يُعرف بقضية (الأجيال المفقودة) التي بدأت فصولها مع وصول (المهاجرين ذوي البشرة البيضاء للقارة الجديدة) وقيام مؤسساتهم المسيحية بخطف اطفال القبائل المحلية السمراء وتسليمهم للعائلات الاسترالية المهاجرة حديثاً (تبني قسري) كان هذا العرف سائداً من بدايات القرن حتي السبعينات.
ظل هذا الموضوع (المثير للجدل) يشغل أوساط المجتمع الأسترالي بين معارض ومؤيد مما وفر تربة خصبة للكثير من الروايات والادبيات العالمية على غرار قصة عائلة روبنسون ممن تبنوا (أطفال محليين فقراء من ذوي البشرة الداكنة) بعد أن أدمجوهم في عائلاتهم التي جائت للإستيطان والزارعة علي ضفاف أنهار وأحراش القارة الاسترالية المكتشفة حديثاً.
تلى ذلك انطلاق العديد من الحملات العالمية لإجبار (السلطات الأسترالية) بفتح ذاك الملف القديم، وتعريف الأطفال المخطوفين (رجال حالياً) بالاسماء الحقيقية لابائهم وأمهاتهم الذين نزعوهم من أحضانهم بالقوة الجبرية حين كانوا حديثي الولادة تحت مظلة (الشرعية القانونية) المستمدة من نظام القضاء الأسترالي الذي (اقر وشجع) تلك الممارسات العرقية والدينية. كانت أهم أسباب (سرقة الأطفال وتسليمهم للعائلات الاسترالية) رغبة رجال السياسة والقضاء في (زيادة اعداد طوائفهم المسيحية المهاجرة حديثاً) ودمج آلاف الأطفال من (ابناء البادية) في المجتمعات المسيحية الجديدة وادخالهم قسراً الي ملاجئ جماعية تحت رعاية المنظمات البروتستانية والكاثوليكية. عام 2008 بدأت (كبار الشخصيات الإعلامية) بطرح فكرة (اعتذار رسمي) فاستجاب رجال السياسة وعلى رأسهم رئيس دولة استراليا بتقديم (الاعتذارات الرسمية والتعويضات) عن ممارسات الانظمة السابقة في تقنين وتشريع خطف الاطفال وتشجيع (الكراهية العرقية) و (الكراهية الدينية) بين المهاجرين البيض (الحضر) والقبائل الاسترالية الأصيلة (البادية) Australian indigenous Tribes إن معرفة (تاريخ ومصائب) الشعوب الاخرى وتدريسها في المناهج والصحف سيؤدي الى تطعيم عقول أبنائنا ضد (القبلية، والمذهبية) ولجم احصنة (الهوس الفكري) المشغول دوماً بإصدار الفتاوي والاحكام علي مختلف فئات المجتمع المتعددة دون حسيب أو رقيب!
نتمني الإستفادة من التجربة الأسترالية واستحضار القصص التاريخية التي تخول القارئ معرفة محصلة النزاعات (الطائفية والعرقية) وما جلبته لتلك الدول من كوارث إجتماعية وحروب اهلية.
الدكتوراه الجامعة الأوروبية / الكونفدرالية السويسرية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *