اكتساب المعالي.. وسهر الليالي

• مصطفى محمد كتوعة

[COLOR=blue]مصطفى محمد كتوعة[/COLOR]

كان محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي الشهير بالإمام الشافعي فقيه وإمام من أئمة أهل السنة والجماعة وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي ومؤسس علم وأصول الفقه.. وهو أيضاً إمام في التفسير وعلم الحديث.. عمل قاضياً فعرف بالعدل والذكاء.. وكان الإمام الشافعي فصيحاً شاعراً، ملأ شعره الدنيا فاستنارات.. وبات شعره وحكمه دواء لكل مشاكل وأزمات العصور المتعاقبة.. يبعث من خلالها رسائل التوجيه والإرشاد ونستلهم منها العظة والعبر التي تعيننا على متاعب الحياة.. فكان للإمام الشافعي منطق فريد وأسلوب بديع وفكر رفيع وعقل حكيم وفقه كثير.. فجمع بين الفصاحة والفقه.. شعره نقياً تقياً قصده من الشرف والعلو في كل الأمور.
ومن أبيات شعره التي تفوح عطراً ما قاله تحت عنوان \”اكتساب المعالي\”.. بقدر الكاد تكتسب المعالي.. ومن طلب العلا سهر الليالي.. فهو يعطينا روشتة لو أردنا تحقيق النجاح في حياتنا لخدمة الوطن والمواطن والعمل على رفعة شأنه بين الأوطان، ويريد أن يقول في هذا المعنى إنه ليس للإنسان إلا ما سعى فبقدر الكد والعمل وبذل الجهد يكتسب المرء معالي الأمور فمن أرادها لابد أن يسهر الليالي كناية عن قدرته على العطاء وبذل الجهد في العمل والارتقاء به، أما من يتكاسل ويكثر من الكلام والنوم دون عمل فلن يكون له العلا.. فان فعل الإنسان ذلك وقضى وقته في الراحة دون بذل مجهود كبير فيسبقى طول عمره يطلب ويتمنى أموراً يستحيل عليه تحقيقها لأنها لا تأتي إلا بالكد والجد والإجتهاد.. ومن يظل يحلم فقط دون عمل فان عمره سيضيع منه دون أن يحقق ما يتمناه.. حيث يقول الإمام الشافعي في هذا المعنى:\”ومن رام العلا من غير كد أضاع العمر في طلب المحال\”، ثم يقول:\”تروم العز ثم تنام ليلاً.. يغوص البحر من طلب اللآلي..\” أي أنك أيها المرء إنك تريد العزة والسؤدد ولا تبذل في سبيل ذلك شيئاً، بل تنام قرير العين أوما علمت أن من يطلب اللآلي فلابد له من غوص البحار.
ويختتم الإمام أبيات شعره بقوله:\”فوفقني إلى تحصيل علم وبلغني إلى أقصى المعالي\” وهي دعوة صريحة إلى التزود بالعلم والسعي لطلب العلم الذي ينير لنا الطريق نحو التطور والتقدم في كل مناحي الحياة وهو الذي يقول إن الفقيه هو الفقيه بفعله.. ليس الفقيه بنطقه ومقاله ولأهمية العلم في حياة البشر والبشرية يقول الإمام الشافعي: \”أصبر على مر الجفا من معلم.. فإن رسوب العلم في نفراته ومن لم يذق من التعلم ساعة.. تجرع ذل الجهل طول حياته.. ومن فاته التعليم وقت شبابه.. فكبر عليه أربعاً لوفاته\”.
كما قال:\”تغرب عن الأوطان في طلب العلا.. وسافر ففي الأسفار خمس فوائد.. تفرج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد\”.
وهكذا يريد الإمام الشافعي من كلمات شعره أن يبعث لنا العديد من الرسائل يقول لنا فيها إن الذين يزرعون الجد والاجتهاد والتعب يحصدون النجاح والفرح وأن العمل عبادة وعلينا أن نجعل طريق الخير مسلكنا ووجهتنا الدائمة حتى يتقبله الله والناس منا، وفي النهاية يقول لنا الإمام:\”دع الأيام تفعل ما تشاء.. وطب نفساً إذا حكم القضاء.. ولا تجذع لحادثة الليالي.. فما لحوادث الدنيا بقاء\”.
رحم الله الإمام الشافعي فقد كان شعره وعلمه.. حكمة ونوراً.
للتواصل : 6930973

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *