اقتراح لحل مشكلة معلمات القرى

• بخيت طالع الزهراني

منذ حوالي 30 عاما وانا اسمع بحوادث الطرق المرورية لمعلمات القرى النائية، وخلال تلك الثلاثة عقود فشلت وزارة التربية في ايجاد حل جذري لهذه المشكلة، ما ادى الى وقوع وفيات واصابات كثيرة للمعلمات ، فيما الوزارة لا تكثرت بما يطرحه عدد من الكتاب والصحفيين من رؤى وحلول مقترحة، وانا واحد منهم حتى أنني لا اتذكر ان احداً رد على اي من مقالاتي وتحقيقاتي الصحفية الكثيرة لعدة سنوات مضت، وآخرها السبت قبل الماضي في (البلاد).
الذي كنت أتمناه لو تم عمل ورشة عمل حول هذه القضية لعدد من المعتمين بهذه القضية تجمع معلمات وصحفيين وكتاباً ومسؤولين من المرور والنقل والتربية .. وذلك في عشر مدن سعودية مثلاً، يكون هدفها استشراف رؤى المجتمعين، والانصات لهم، وتبادل النقاش ، لعلهم يخرجون برؤية مشتركة او بعدة رؤى تساعد صاحب القرار في انضاج الحل الاقرب للصواب.
إن الحل لهذه المشكلة ليس بالضرورة أن يكون قادماً من مسؤول كبير في وزارة التربية فقد يكون لدى معلم او معلمة في قرية نائية فكرة هائلة، والانصات الى أهل الشأن اتجاه حضاري ومطلب مهم، لان اولئك هم من يعيش هم القضية ولذلك يتعين على وزارة التربية في كل قضاياها – وفي هذه تحديداً – أن تفتح ذراعيها وصدرها للاستماع الى رؤى حشد من المهتمين ، لعل بارقة حل رائع يلمع من أحدهم.
نعود لموضوعنا ونقول ان وزارة الامير خالد الفيصل هي الوزارة التي اعطت بارقة أمل في الاقتراب من حل مشكلة معلمات القرى النائية بحسب متابعاتي من بين كل الوزارات السابقة ، وذلك عندما أقرت قبل ايام تخفيض دوام معلمات القرى النائية الى ثلاثة ايام اسبوعياً، وهذا شيء جيد، لا أقصد القرار (الذي اتحفظ على محتواه ومعناه) ولكن التجاوب في حد ذاته علامة على الوزارة تفاعلت مع منسوبيها وبدأت تحس بهمومهم.
وأظن أن القرار الأخير من وزارة التربية لن يكون مقابلاً منطقياً للحوادث المرورية ، فحتى الثلاثة ايام التي (تسافر) فيها المعلمات الى قرى في تخوم الصحراء يمكن ان يقع في واحد منها حادث مروع، بمعنى أن تقليص أيام الدوام لن يمنع الحادث المروري، ولذلك فهذا الحل من الوزارة هروب الى الامام من الحل الجذري.
في تقديري ان من بين الحلول الجذرية اقامة سكن دائم للمعلمات في القرى ، على هيئة كامب على حساب وزارة التربية، على ان يحظى بحراسة مناسبة ومواصلات، بحيث يقام كامب واحد بين حوالي 5 – 6 مدارس قرى، لتصبح مسافة الطريق لا تزيد عن 20كم مثلا بين مقر السكن (الكامب) وأبعد قرية، وبذلك تنتهي المشكلة من جذورها ونحن في الواقع بلد نفطي لا تنقصه المادة، ويمكن العمل على هذا المشروع بكل سهولة.
وزارة التربية مطالبة بان تحول العمل في القرى النائية لمعلماتنا الى بيئة جاذبة بكل الجهد الممكن ، بدلا من ان تكون بيئة متوحشة ومرعبة كما هو الآن، خصوصا في مسألة (السفر) اليومي للمعلمات من المدن الى تلك القرى في اعماق الجبال والهضاب والاودية والصحاري ، ولذلك فإن توفير سكن موحد بين كل ست قرى مثلا هو احد عناصر الجاذبية، اضافة الى دفع بدل نائي مجزٍ يوازي المجهود النفسي والبدني وحجم التضحية الذي تقدمه المعلمة في هذا العمل الجبار، الذي لا توازيه اية مبالغ مالية، ومن ذلك احتساب خدمة السنة بسنتين.. كل هذه المقترحات وغيرها هي مما نظن انه سيكون حلاً فعالاً لهذه المشكلة التي طال امدها من غير حلّ جذري.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *