استثناء حلب من الهدنة الوهمية
محمد بن حامد الجحدلي
لا شيء يلوح في الأفق على أقل تقدير خلال الأسابيع القادمة ، فيما يتعلق بالحرب الدائرة على الأراضي السورية ، بل هناك من يرى إنَّ من مصلحته صب الزيت على النار ، عملا بالمثل القائل ” مصائب قوم عند قوم فؤائد ” ، ومن المؤكد أن الدول المنتجة ، والمصدرة لهذه الأسلحة الفتاكة ، في مواقع الصراع هي المستفيدة بالدرجة الأولى ، ويأتي في مقدمتها روسيا ورئيسها بوتن ، ودول أخرى أرادت الدخول من الأبواب الخلفية كإيران لمجرد إثبات الوجود ، بينما لازالت الولايات المتحدة الأمريكية مترددة ، لاتخاذ موقفا إيجابيا يشفع لرئيسها أوباما المنتهية ولايته ، الذي قاد بلاده بخلاف من سبقه من الرؤساء ، ومن الطبيعي أن تتعرض هذه المصالح لسياسة التغيير والبحث عن بدائل أكثر مواءمة ، من قبل الحلفاء بعد أن حُفِظت نداءات الاستغاثة من قبلهم في أرفف حديدية حتى وإن طالت فترة الجفاء ، تلك النداءات التي سمعها العالم أجمع لنصرة قضايا مماثلة ، كما هو حال الأشقاء في سوريا الجريحة ، وفي اليمن والعراق وليبيا ، وأماكن أخرى مورس ضدها الصمت المطلق من قبل حكوماتها ، ليكون التساؤل الممكن هل من إفاقة محتملة لهذه الإغماءة ، وعودة سياسية الوعي وصحوت الضمير ، وتغليب صوت العقل والحكمة والإرادة ، أمام الأطماع الاستعمارية في حلتها الجديدة ، في ربعها الأول من القرن الواحد والعشرين ، وإذا كانت الحكمة العربية لبعض الزعماء العرب ، تراهن على انفراج الأزمات المتتالية ، التي تحاك صباحا ومساء ضد شعوبها ، فإنها لازالت تؤمن بسياسة النفس الطويل وعودة الأمور إلى نصابها ، حقنا للدماء التي تراق في ساحات الوطن العربي ، على مدار الساعة دون رحمة أو هوادة ، في انتظار رحمة السماء ثم حكمة العقلاء ، ومن ثَمَّ جمع كلمة الزعماء العرب للذود عن الكرامة والأصالة ، كعقيدة لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الأسباب ، ففي حلب الأبية وفي إدلب البطولة وفي حمص وتدمر التاريخ ، وفي الشام الحضارة والثقافة ، كل هذه المؤشرات الإيجابية تقف بشموخ الإنسان ، على كافة الأرضي السورية دفاعا عن الشرف والكبرياء ، لهذا كان استثناء حلب ومدن أخرى من الهدنة بتكثيف وزيادة الضربات ، لأجل استمرار سياسة البطش وأوهام حكومة الأسد وأعوانه .
التصنيف: