اختلاط مفاهيم الحقوق والواجبات

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]طارق الثوابتة [/COLOR][/ALIGN]

الطلاق الذي يُعد بمثابة فض لشراكة بين اثنين تنطبق عليه نفس شروط فض الشراكة بين أي اثنين متشاركين اقتصادياً بمعنى أن فض عقود الشراكة الاقتصادية يحدث عادة نتيجة عدم التزام الطرفين أو أحدهما بشروط اتفاق الشراكة بينهما ولكن يزيد عليها في الطلاق أن هناك بنوداً لا تُكتب وأحياناً كثيرة لا تُلفظ إنما تبقى في مخيلة كل طرف مرجعية له يقيس بها أداء الطرف الآخر في هذه الشراكة تلك البنود – والتي تشبه في علم الهندسة الكهربائية القدرة المراوحة ، وهي قدرة لا يستفاد منها وفي أحيان كثيرة تكون ضارة لما تحدثه من تسخين في المولدات – من أهم عوامل الطلاق خاصة في مجتمعاتنا العربية التي تلفها أنواع كثيرة من الصمت في قضايا بين الأزواج والذي يؤدي إلى تفاقمها واستحالة حلها فيما تزيد القدرة المراوحة من تسخين المولد لأنها لا تأخذ طريقها الطبيعي في الاستهلاك وتكون النتيجة الحتمية انفجار المولد بفعل التسخين الزائد عن الاحتمال والذي يعادل هنا الحياة الزوجية أو الشراكة بين الزوجين.
إن تقليل القدرة المراوحة يكمن في استهلاك كل ما ينتجه المولد من قدرة وإذا ما علمنا أن القدرة النافعة أو الحقيقية هي المودة والرحمة كما وصفها الله في كتابه الكريم فإن على الأزواج أن يزيد كل منهما من المودة والرحمة للطرف الآخر والتي من شأن زيادتها تقليل تلك القدرة الضارة أو التي ستبدأ في الاضمحلال شيئاً فشيئاً لأنها تتناسب عكسياً مع المودة والرحمة.
إن وقود الحياة الزوجية ليس الحب فقط بل إن وقودها الحقيقي قدرة كل طرف على احتمال الطرف الآخر وتقبله كما هو والتعامل بأقصى درجات الحكمة مع كل الأزمات وهنا يقع العبء على الرجل أكثر منه على المرأة فالرجل هو صاحب الكلمة الفيصل والأخيرة في هذه العلاقة لكن هذا لا يعفي المرأة من دورها المحوري والأساسي في إيصال الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.
إن كثيراً من المشاكل الزوجية تكمن في اختلاط مفاهيم المهام والحقوق والواجبات بين الشريكين في العلاقة الزوجية وهو بالأساس ناشئ عن الفهم الخطأ عن طبيعة هذه الشراكة الإنسانية والتي لا ينبغي أن تخضع بصرامة لمفهوم الحقوق والواجبات هذا لو افترضنا أن مفهومها هو المودة والرحمة ورغم ذلك لا ينبغي لأي من الطرفين أن يغفل تلك الحقوق والواجبات أو أن يعتبرها بنوداً ثانوية في هذه الشراكة.
إن في مجتمعاتنا العربية والإسلامية على وجه الخصوص ينبغي أن يولى اهتماماً كبيراً لموضوع الطلاق الذي يزداد بنسب كبيرة عاماً بعد الآخر لما له من أثر عميق الضرر على النواة الأساسية لأي مجتمع ألا وهي الأسرة التي تحولت في مجتمعات الغرب إلى أم وأطفال فقط بفعل حالات التردي الاجتماعي الذي آلت إليه حال الأسرة هناك وهو نفس حال أي أسرة يحدث فيها الطلاق في مجتمعاتنا الإسلامية العربية مع اختلاف حق حضانة الأطفال من بلد لآخر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *