احذروا المستقبل (الأزمة الاقتصادية)
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أحمد محمد باديب[/COLOR][/ALIGN]
أستغرب من أولئك المسؤولين في الدولة والأجهزة المالية وغيرهم الذين يتحدثون عن الأزمة المالية العالمية و\”الأزمة الاقتصادية\” ويقولون إن تأثيرها على بلادنا جد ضئيل وبعضهم يدعي أن ليس لها تأثير البتة وكأن المملكة جسم منفصل عن هذا العالم الذي نعيش فيه ونحن فيه حلقة أساسية في اقتصادياته فالمملكة اكبر منتج للنفط وتملك أكبر احتياطيات من النفط والغاز ونحن اكبر مستوردين للمواد الغذائية وغيرها من الكماليات من بين دول الشرق الأوسط كله إننا كيان اقتصادي كبير يصدر ويستورد ليس فقط السلع ولكن ايضا الأيادي العاملة ففي المملكة ملايين من القادمين للعمل اذاً فنحن جزء أصيل من الاقتصاد العالمي يتأثر ويؤثر لذا فمن العيب أن يدعي أحد من كبار المسؤولين أننا لن نتأثر وآخر يدعي بأن التأثير سيكون ضئيلا للغاية.
إن من الحكمة أن نضع كلا أمام مسؤوليته ونعيش الواقع الذي نحن جزء منه ونواجه الأزمة بعقول متفتحة وباستراتيجيات تجعل أمتنا لا تعاني كثيراً من الأزمة التي ستواجه العالم كله وأضع خطين تحت كله للأهمية فلن يكون أحد بعيدا عن التأثير فنحن نعيش على كوكب واحد صغير تتداخل مكوناته مع بعضها البعض تداخلاً عضوياً.
العالم مقدم على مزيج من الكساد + التضخم +انهيارات اقتصادية.
الكساد هو بوار السلع والتضخم هو تدني القوى الشرائية للعملة والانهيارات الاقتصادية هي عدم قدرة المؤسسات الاقتصادية على دفع مرتبات وكلفة الانتاج سواء في المؤسسات المالية كالبنوك وغيرها أو في المصانع وغيرها.
هذا المزيج من المتناقضات الاقتصادية سيؤدي إلى شيء اسمه ديب دبرشن (deep depression) على مستوى العالم واذا أدخلنا في هذا الوضع فلا بد لنا من عمل احتياطيات كثيرة حتى لا تحدث ثورات وتسقط أنظمة ويختل الأمن وغير ذلك من تبعات هذه الكارثة الاقتصادية وسأعطي للقارئ مثلا من واقعنا كدولة منتجة للنفط:
اليوم السعر العادل للنفط كما حدده الكثير (45-60) دولارا للبرميل والسعر الحالي للنفط هو ما بين (34-42) دولارا للبرميل والمملكة خفضت انتاجها من 9.5 تسعة مليون ونصف أو يزيد إلى أقل من ثمانية ملايين وكذلك ستقوم غيرها من دول الأوبك تخفيض انتاجها في محاولة لكبح الأسعار المتناقصة يوماً بعد يوم والسؤال إلى أي حد تستطيع المملكة ودول الأوبك أن يخفضوا الإنتاج وفي أحسن الظروف وعند صدق جميع الأعضاء فإن دول الأوبك ستخفض انتاجها للطاقة لأقل عند حد \”21\” مليون برميل في اليوم أي 40% من الانتاج اليومي في المقابل كم ستستطيع الدول المستوردة والمستهلكة للنفط أن توفر من استهلاكها سواء باستخدام الطاقة البديلة لإنتاج الكهرباء من الشمس والذرة أو من استخدام الزيوت العضوية الزراعية في السيارات أو استخدام الكحول أو غيره من المواد التي تقتصد الدول بها من استهلاكها للنفط يمكن (30-40%) اذاً سيكون العرض تقريباً قدر الطلب ولكن اذا الدول المستهلكة واجهت مشكلة سيولة لتمويل المصانع والمؤسسات المالية حتى لا تفلس هذه المؤسسات فسيكون لزاماً عليها أن تستهلك الاحتياطيات التي لديها، وأمريكا على سبيل المثال لديها قدرة أن تمتنع عن الاستيراد للنفط لمدة عام كامل أي أن لديها احتياطيات تزيد عن الاحتياطي الاستراتيجي بمقدار عام كامل وأمريكا تستورد ما بين (10-14) مليون برميل وبعد التخفيض سيكون احتياجها في حدود سبعة ملايين برميل يومياً ستصرفه من الاحتياطي وكذا الحال مع الصين التي تستورد أربعة ملايين برميل واليابان كل هذه الدول لديها احتياطيات على أقل تقدير لمدة عام فإذا كان الأمر كذلك والمصانع ستعمل على الطاقة الأدنى وكذا المرافق فالمتوقع أن ينخفض المستهلك من النفط الذي تنتجه أوبك في حدود (13-10) مليون برميل وهنا سيكون هناك فائض من دول الأوبك ومن دول العالم الأخرى المنتجة للنفط وسيزيد العرض على الطلب وقد نشاهد سعر البترول في حدود (15-10) دولار للبرميل. فإذا كانت دول المنطقة (G.C.C) عملت ميزانياتها على سعر (45-35) معنى ذلك انه سيكون هناك عجز في ا لميزانية يزيد عن 50% وحيث أن المملكة هي الأوفر حظاً في الاحتياطيات النقدية فإنه من المتوقع أن تمر المملكة بخمس سنوات عجاف تصرف فيها أغلب احتياطيها وستأتي عليها سنتان سيكون فيها الوضع كما قال سيدنا يوسف \”عام يغاث فيه الناس\”. بناءً على هذه الافتراضيات المتطرفة بعض الشيء \”اسوأ الاحتمالات\” فإن هناك اجراءات اقتصادية لا بد من العمل عليها حتى لا نصل لوضع يؤثر على الدولة والكيان ويتأثر الوضع الأمني وهذا الاجراء كالتالي:
1- إعادة النظر في كثير من المشاريع خاصة غير المنتجة كالجامعات والمدارس وغيرها بحيث تؤجل بعضها وتعمل على شكل مشاريع طويلة المدى أي تنفذ تدريجيا في ميزانيات ما بين (7-10) سنوات.
2- يركز على مشاريع الإنتاج المعتمدة على النفط والغاز بحيث يكون هناك مصانع تستهلك حوالى مليوني برميل يومياً من النفط داخلياً ويباع النفط لهم بسعر تشجيعي ليكون هناك أماكن لعمل الأجيال القادمة ولإنتاج بتروكيمائية رخيصة تجبر أوروبا وغيرها على قفل مصانعهم واستيراد المواد البتروكيمائية من منتجي النفط والغاز وهم أولى بالقيمة المضافة لخامهم.
3- العمل على تحسين الإنتاج الزراعي واستخدام المياه (المعادة التهيئة) كمياه المجاري وغيرها بعد معالجتها وذلك للعودة لزراعة المواد الغذائية الأساسية وزيادة الرقعة الخضراء في البلاد.
4- الاقتصاد في الصرف قدر الإمكان وخاصة في المساعدات الخارجية والمصاريف الادارية وغيرها من مصاريف المظاهر التي لا طائل منها.
5- مساعدة الجمعيات الخيرية وتشجيع أصحاب الخير على عمل مستوصفات وأماكن خيرية للناس لتخفيف العبء على الدولة قدر الامكان.
6- محاربة الفساد والرشوة ومظاهر البذخ الزائد التي تستفز مشاعر الفقراء وتربي الحقد لدى الناس على الطبقة الغنية.
والله الله على تربية الناس على التكافل والتسامح والله الله على العدل في كل شيء.
الحمدلله الذي جعل لي قلماً يكتب لأبلغ ما أخشاه واسأله أن يكون الأمر غير ما أراه ويحفظ لنا ديننا وبلادنا ورخاءنا وقيادتنا..
والحمدلله رب العالمين.
التصنيف: