[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد بن محمد علي الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

حقيقة كشفتها أحداث جدة الأخيرة وهي كفاءة ومشاركة شباب هذه المنطقة في مساعدة المتضررين والمنكوبين وتقديم كافة الاحتياجات الإغاثية. أعجبت عندما طلبت ابنتي مني الإذن بالمشاركة في لجانٍ خيرية لمساعدة الأحياء المنكوبة شرق الخط السريع، فأكبرتُ فيها هذا الشعور الوجداني الإنساني الخيِّر في تقديم المساعدات لأهلنا ومشاركتهم أحزانهم والتخفيف من آلامهم. هذا الشعب السعودي يثبت في مواقف كثيرة طيبته ومعدنه الأصيل وجوهره النبيل في التعاطي مع الأحداث والكوارث سواءً كانت داخلية أو خارجية.
فما رأيناه أثناء إقامة أسابيع التبرعات التي تجمعها المملكة لجيرانها المنكوبين في العالم الإسلامي هي خير دليل على شهامة الفرد والأسرة السعودية ، كنا نُتابع التلفاز آنذاك أثناء التبرعات فنرى نساءنا الفاضلات يتبرعن بالغالي والنفيس من مال وأثاث ومجوهرات ثمينة في سبيل إغاثة أهلنا في فلسطين أو الشيشان أو شرق آسيا، ولولا تحذيرات أمارة منطقة المكرمة في منع جمع التبرعات من قبل الأهالي لكُنا مضينا في دعمهم وتشجيعهم لأعمال الخير والبِر والإحسان ولكن الإرهابيين لم يُبقوا لأولاد الحلال أي جانب من الأعمال الإنسانية الخيِّرة. كما يُعيدنا التاريخ اليوم لأحداث الحرم المكي الشريف عام 1400هـ عند دخول جهيمان الحرم المكي وما أحدثه من قتل وتدمير وترويع الآمنين، فالتفاف الشعب حول قيادتهم آنذاك ومساعدتهم الجنود في توزيع الماء والطعام وكذلك على المُحاصرين في مواقعهم لهو خير دليل على أصالته.
أكبرتُ هذا الشعب في طيبته وكرامته وصراحته وتكافُله مع إخوانه في بلاده وخارجها لاشك أن مملكتنا تتمتع بثروة بشرية وطنية هي بمثابة المعادن الثمينة داخل أراضيها. هذه المعادن النفيسة هي ثروتنا الطبيعية الحقيقية الفطرية التي جادت بها طبيعتنا الصحراوية وشريعتنا الإسلامية، وهي أعزُ ما نملكه وما نفخر به اليوم. رأينا الشباب يحاول جاهداً إنقاذ الغرقى البعض منهم يُحسن الغوص انطلق خلف الغرقى بكل ثقة وشجاعة وإيمان ودون تفكير لإنقاذ أطفالنا ونساءنا. ناهيك أن زاده الشهادة والنخوة والرجولة والمروءة. نحن نهنئ أنفسنا بأن لنا أبناء أمثال هؤلاء الشجعان افتدوا أنفسهم بغيرهم من الضعفاء والأطفال والنساء. كانوا يسترون النساء بغُترهم في حين انشغل الكثير عنهم وعدم وصول الدفاع المدني إلى مواقع الأحداث لصعوبة المواصلات والاتصالات بسبب سوء الأحوال الجوية والزحام وكثرة هطول الأمطار والسيول.
استطاع بعض شبابنا من بنين وبنات إعادة الراحة والابتسامة لإخواننا المتضررين قبل وصول فرق الإنقاذ والمساعدات. هذه العاطفة القوية والفورية أذابت كل الحواجز وقربت بيننا الكثير فلا فرق بين قبلي وحضريّ ولا فقير وغنيّ ولا مُقيم وسعودي وظهر الالتحام الشعبي. الكل يسعى لإنقاذ الآخر ويعمل على مسح دمعته الحزينة وبؤسه وألمه. كما أُشيد ببناتنا اللآتي اكتسحن كل الحواجز للوصول إلى أخواتهن لتقديم كافة المساعدات لهن ومشاركتهن فقدان أبنائهن بكل صدر رحب ومواساة وكفاءة واقتدار وطيبة نفس. أدركت حينها أن هذا الشباب بكل ما فيه من سلبيات أثبت اليوم أنه على قدرٍ من المسئولية والشجاعة والنخوة والرجولة. وأقول اليوم لخادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – يا خادم الحرمين لديك شعبٌ يتفطَّرُ وطنية وحماس وشجاعة ونخوة لا تظهر في أقوالهم كغيرهم بل تجدها في أفعالهم على أرض الواقع عند الحاجة فطوبى لهذه البلاد بأهلها ورجالها وكُتَّابها وإعلامها، فإعلامنا وقف من هذه الأحداث موقف الشجعان الوطنيين والإنسانيين في طرح أسئلته وتوجيه الاتهامات وكشف الحقائق بكل أريحية وأمانة وشفافية، ولولا التحذيرات التي أشرتُ إليها لكُنت أقول لأمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل يحفظه الله اتركوهم يعملون ما تمليه عليهم فطرتهم وضمائرهم فهم أبناء وأحفاد المثنى وخالد بن الوليد وحمزة أسد الله. حقيقة هي بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *