إيقاعات.. لا تحُبني.. ولكن لنعمل سوياً!!

أمل عبدالملك

في إحدى الدورات التدريبية التي خضعت لها في بريطانيا ومنذ اليوم الأول للتدريب والذي عادة ما يتعرف فيه المتدربون على بعضهم ويتلقون إرشادات وقوانين عامة عن التدريب، في ذلك الصباح البارد وقفنا بشكل دائري مع المُدربة وبعد أن عرّفنا بأنفسنا نصحتنا بالتالي:(لكل منكم أفكاره واتجاهاته وذوقه، وليس من الضروري أن تُحبّوا بعض ولا أن تكوِّنوا علاقة صداقة ولكن المهم أن تعملوا مع بعض وتنجزوا المشاريع المطلوبة منكم) وهذا سر نجاح الأجانب سواء الغرب أو الشرق آسيويين لأنهم يتعاملون مع بعض من أجل إنجاز العمل ويتركون العاطفة جانبا، وللأسف هذا ما ينقصنا في عالمنا العربي الذي تحرّكه العواطف ولهذا نجد أن العلاقات في العمل إما قائمة على الواسطة والمحاباة لمن يتفقون مع المسؤولين في الاتجاهات والاهتمامات بغض النظر عن مدى صلاحيتهم وأهليتهم للعمل، وأما تحكمها العداوة والكره والبحث عن الأخطاء وتدبير المشاكل وتلفيق التُهم والحروب التي لا تنتهي إلا باستقالة أو ترك العمل رغم صلاحية الموظف لتلك الوظيفة وقدرته على الإدارة الجيدة.
وإذا ما حللّنا سبب الحروب الوظيفية نجد أنها قد تكون بسبب كلام الممرات ونقل الأحاديث المُلفقة لهذا وذاك، أو بسبب الغيرة من النجاح أو لعدم الانتماء لنفس الاتجاهات أو نفس العائلة وأكثر الظن الخوف من فقدان الكرسي إذا ما كان أحدهم أكثر كفاءة وخبرة، وللأسف إن هذه الحروب تؤدي إلى مكان مسدود وتجعل الموظفين يدورون في حلقة مفقودة تعرقل عجلة العمل وتعيق نجاح المؤسسة مما يُدخلها في متاهات وفشل مستمر فإذا كانت بيئة العمل غير صحّية وتعاني من المشاكل أدى ذلك إلى تدهور المؤسسة بالتأكيد.
حب العمل هو ما يجب أن يجمع الموظفين في أي مكان، لأنه يُعتبر حبا للدولة والرغبة في دفع عجلة التنمية فيها وزيادة الإنتاج فعندما يسود التفاهم والاحترام وتقدير الأفكار والانتظام في العمل تنجح المؤسسة دون الحاجة إلى علاقات غرامية أو تبادل مصالح وزيارات المجالس و(شيلني وأشيلك) فكل موظف يعرف ماله وما عليه ويؤدي عمله بناء على المواصفات الوظيفية التي يشغلها، وإذا ما أخطأ عُوقب أما إذا أصاب واجتهد فإن من حقه أن يُكافأ وأن يكون مُقدراً من إدارة مؤسسته.
وعودة للنصيحة فإن التجربة أثبتت أن الحب والعاطفة لا علاقة لهما بنجاح المشاريع والعمل، بل هو الاتفاق واحترام الأفكار الناجحة والعمل على تنفيذها وإن اختلفنا أو كرهنا أصحابها ففي النهاية المشروع من أجل المؤسسة ولن نحمله معنا في بيوتنا، وزملاء العمل يظلون مجرد زملاء في تلك المؤسسة وليس هناك ما يجبرنا على التعامل معهم في حياتنا الخاصة.إذاً، إن لم يعجبك أحدهم أو لم يكن على (هواك) لا تحاربه وتضّيع وقتك وتحرق أعصابك، تعامل معه بما يستحقه عملك ومؤسستك ودولتك وكُن محايداً في التعامل معه واترك عواطفك جانبا !!!
نحن في بيئة وبلد مفتوح على كل الثقافات وعليه ، يجب احترام أفكار ومبادئ الآخرين وتقدير عملهم وإن كنا لا نتفق معهم في الجنسية والديانة والاهتمامات ولا داعي لأن نحب بعضنا ولكن علينا العمل مع بعض !!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *