إنها المسؤولية
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إيهاب محمد [/COLOR][/ALIGN]
تقدّم الأمم والمجتمعات وتنافس الدول والحكومات يكمن بقضية في غاية الأهمية، والمتأمل في دنيا الناس اليوم وواقع الأمة المعاصر، يهوله ما تعيشه الغالبية الساحقة من شعوب العالم من حياة الفوضى واللامبالاة بسبب البعد عن المسؤولية التي هي العز من غير مال وبها صلاح الحال والمآل. إن كل لحظة من لحظات حياة الإنسان تتجسّد فيها المسؤولية بكل صورها أفرادًا ومجتمعات، هيئات ومؤسسات، شعوبًا وحكومات، من نالها ينتابه شعور الشرف والفخر والاعتزاز، ولكن في الوقت نفسه ما أصعب مرارتها متى وُسِّدَها من لا يتحاشَى اللَّومَ والعقابَ، ولا يجِلُّ من تثريب وعِتاب.
فمراقبة الله في الخفاء والعلن، والإخلاص هما أساس المسؤولية ومنتهاها ولكل متقن فيها ومبدع موقعه ولا ينبو عن عمل صالح موضعه فهي تشملُ ميادين الحياةِ كلها دِقَّها وجلها؛ العبادات، والعادات، الأفراد والجماعات، المُؤسَّسات والهيئات، المُجتمعات والحُكُومات، وما واقع مجتمعاتنا المعاصرة من الفوضى واللامبالاة والفسادات الإدارية وأجواء الفوضى والاتكالية والعشوائية إلا نتيجة عدم تجذّر المسؤولية في القلوب وعدم الخوف من علام الغيوب بل كم من أناس اتخذوها لأغراضهم الشخصية تسويفًا في المواعيد والمُعاملات، ومُماطلة في الحقوقِ والواجبات، واستخفافًا بالأموال والمهامِّ والأوقات حتى ضاعت مصالح الناس بين: \”اتركها اليوم، وارجع غدًا واذهب للآخر وهؤلاء وادفع رشوة لأولئك\” وإن لم تفعل أظهر لك من الوجه عابسه. ويا لسعادة الآخر إذا كان له وساطة ومحسوبية لربما تنتهي أوراقه في أقل من دقيقة. أو ليس أعظم شناعة ووضاعة من أحسن به الظن في مصالح الناس فبدّدها وما وطدها وأتلفها وما ألفها.
إن ضياعَ المسؤوليَّة والتهوينَ من شأنِها والحط من قدرها سبب الانحطاط والفساد وسبب في نهنهة حظوظ النفس لدى الناس لكن إذا أقيمت كانت سببًا في أن تأتلق قدرات الإنسان شطر الازدهار والتميّز والإبداع والابتكار. تلكم المسؤوليَّة التي تستشعِرُ خشيةَ الله مع كلِّ قبسةِ قلم وهمسَةِ فم وإمضاءِ توقيع، ويا لهناء من استشعر ثقل الأمانة وعظم المسؤولية، حقًا تستوجب له صادق الدعوات وبسببِ ذلك غرسَ أعلامٌ في الأفئدةِ محبَّتَهم، وحُمِدَت على مرِّ الأيام سيرتُهم، فيا من أسندت إليهم المسؤوليات العظام اجعلوا خدمة الحق شعاركم ونفع الناس دثاركم ولا تتحقق المسؤولية إلا بالرأيِ السَّديدِ الحَصيف، والمشورةِ الصادقة، والنُّصحِ الهادِف، والنَّقدِ البنّاء النزيه إضافة إلى أهميةِ امتِياز المُؤهَّلين الذين يُحقِّقون ما أُسنِدَ إليهم على أتمِّ وجه وأعظمِه..
التصنيف: