[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحســـــــون[/COLOR][/ALIGN]

كان السؤال يومها يطرح علينا ولم نجد اجابة محددة ومقنعة له فكانت اجابات متفاوتة ومتضاربة وان كانت لا تخلو في جانب منها عن السبب الحقيقي لهذا الصراع الرهيب الذي يعيشه هذا الانسان على هذا الكوكب.
تذكرت هذا وانا اقلب امس في احد كتب السيرة عندما مررت على كثير من صور الحياة الفاضلة التي كان يمثلها ذلك المجتمع الصغير في عدده الكبير في فعله.. البسيط في مظهره القوي في معناه.ذلك المجتمع الذي اوجد \”المدينة الفاضلة\” في العصر الفاضل في مدينة النور والعلم والايمان والفضل \” المدينة المنورة\”.
مجتمع فيه بلال الحبشي سيدا وامية بن خلف سقط متاع.. سلمان الفارسي مقربا من وهج الرسالة يأخذ منها ذلك النسب الشريف وابو لهب تتب يداه..
مجتمع لا يعرف التعنصر ولا تحركه العصبية ولا تحدد مساره الاهواء.كان مجتمعا فاضلا ساد الدنيا كلها وهزم تلك النفوس الجبارة وجعلها طيعة لينة.
كانت صور مشاهد معركة (الفرقان) شريطا في ذهني يمر بكل عطره وبكل زخمه الرائع.. لك ان تتخيل ذلك الجيش في احسن مباهاته عدة وقوة ومباهاة في مقدمته عتبة وشيبة والوليد ومن حولهم امية بن خلف وطواغيت ذلك الزمان تحف بهم مظاهر القوة والجبروت.. هذه خيولهم لها صهيل يملأ الفضاء.. واصوات طبولهم لها رجع في الآذان..
وذلك المجتمع قليل العدد والعدة جيش ابدا لا تنطبق عليهم لفظة جيش الا مجازا فهم قليلو العدد وبسيطو العدة في لحظة كان هذا الجيش يحمل الموت الزؤام.. لتسقط رؤوس وتطير ايد.. وتملأ الفضاء كلمة الله اكبر.. لتعود قريش مولهة يطحنها الذل ويلفها العار الى مكة لتتحول بيوتها الى مناحات عويل وصراخ حقد.
وتمر الايام وتصر النفوس الكافرة على التآمر على غسل تلك الهزيمة التي ذهب فيها اولئك الطواغيت.. ليكون اللقاء في احد هذا الاصرار العجيب الذي كانت عليه قريش لدحر هذه الدعوة الكريمة وهذا الحرص على اطفاء هذا النور العظيم الذي اعمى قريش عن تبين طريق الحق.. وجعلها كالأحمق الذي لا يدري ماذا يفعل..
وكانت هند وصويحباتها وهن يرتجزن تحريضا على القتال وابو سفيان في مقدمة الجيش يشهر سيفه وتتكرر اللقاءات ويكتب النصر لهذا الدين العزيز وفي يوم الفتح العظيم تتحول مكة الى مدينة يسكنها النور من جديد ليبني هذا المجتمع الكريم.. تلفه الاخوة وتسيره الطيبة.
تذكرت كل ذلك في لحظة شوق الى كل ذلك الماضي الرائع.. ورحت اتخيل للحظة ان هذا العالم الذي نعيشه لا توجد به هذه الصراعات ولا تشتته هذه الحروب التي تجري في جهاته الاربع ولا تموت كل يوم عشرات بل مئات النفوس وان كل العالم بشرقه وغربه جنوبه وشماله ووسطه يعيش حالة سلام.
تخيل للحظة ان لا تنازع يفصل بينهم ولا صراع بين بلدين ولا عوائق تقطع التنظيم بين دوله ولا بين ابناء شعبه.
لك ان تتخيل هذا العالم الواسع والكبير خاليا من الصراعات العرقية واللونية لا اسود يحقد على ابيض ولا ابيض يحتقر اسود.. ولا غني يمتهن الفقير ولا معدم يتمنى قطع رأس هذا الغني.
لك ان تتخيل هذا العالم الواسع الكبير لا طبقات ظالمة فيه ولا اقليات تعيش الحرمان.. الكل يعيش في ظل نظام اخوي تربطهم علاقات انسانية متساوية لك ان تتخيل هذا العالم الواسع الكبير لا فواصل بين ناسه ولا لغات تحول دون تفاهمه.
لا تذهب بعيدا ولنتخيل عالمنا الاسلامي الواسع الكبير هذا تجمعه وحدة اسلامية تربطه برباط اسلامي صحيح تعطيه قوة التواجد والوجود لا فوارق بينهم.. لا تحول تباين لغايتهم بينهم إذا تألم من في اقصى الشرق سمعة من هو في اقصى الغرب.
تخيل هذا العالم الاسلامي الواسع الكبير يأخذ بهذه الآية الكريمة:
(يا ايها الناس ان اخلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم).
ماذا يكون عليه هذا العالم الاسلامي لو جعل هذه نظام حياة هل تجدهم هكذا مشتتين منهزمين.
لا تذهب بعيدا ولنتخيل عالمنا العربي الكبير هذا بلغته الواحدة ودينه الواحد يعيش وحدة عضوية لا هويات تجزئهم تحت مسميات متباينة ومتفاوتة لا حدود تفصل بينهم.
تخيل ذلك الذي يسكن على طرف الشاطئ الاطلسي غربا في إمكانه ان يصل الى اقصى اطراف الشاطئ الشرقي مخترقا جبال الاوراس وسهول قرطاج وسواحل النيل دون ان يقف في سبيله سائل لاثبات هويته.
لك ان تتخيل هذا العالم العربي الكبير بلغته الواحدة ودينه الواحد لديه وزارة تعليم واحدة.. ووزارة دفاع واحدة.. ووزارة صحة واحدة.. ووزارة خارجية واحدة.. الخ.
لك ان تتخيل كل هذا العالم العربي الكبير بلغته الواحدة ودينه الواحد يتعامل بوحدة نقدية واحدة لك ان تتخيل هذا وغيره .. ومن ثم ماذا ترى بكل تأكيد سوف تصل الى نتيجة تقول انك انسان حالم يعيش خارج عصره.
لا يهم فهذا الحلم اللذيذ هو الواقع الذي ضاع من بين ايدينا بعد ان تركنا ذلك المجتمع البسيط في تلك \”المدينة الفاضلة\” تركناه وتركنا كل ما جاء فيه من اسس وقيم..
•• آخر الكلام
ويا امان الخائفين

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *