ابراهيم معتوق عساس

في الوقت الذي قد يؤيد العديد من أبناء الأمة العربية التدخل الأجنبي لحماية المدنيين في الدول التي تعاني من حكم دكتاتوري، فكل ما هو حاصل في ليبيا وإن كان المؤيدون للتدخل يرون أنه كان الأولى بالتدخل في الأمر الدول العربية عن طريق نصح اخوانهم الذين لا يحسنون قيادة شعوبهم وإلزامهم تغيير سلوكهم العدواني نحو شعوبهم والاستجابة لمطالبهم المشروعة، حتى إن دعا الأمر إلى تكوين قوة عربية للتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها ولحجم التدهور والتهور فيكون في ذلك تفويت لفرصة التدخل الأجنبي الذي لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق أن تدخل تلك القوات الأجنبية غير مقرون بتحقيق مصالح للدول المتدخلة تحت غطاء حماية الشعوب والمدنيين، ومن تلك الفوائد تدمير البنية التحتية والحضارية للدول المستهدفة بالتدخل من مطارات وطائرات ومحطات كهرباء ومدن ومزارع ومصانع تعيد الدولة ومدنها مئات السنوات إلى الوراء ويحتاج إعادة بنائها عن طريق الشركات الغربية إلى استنزاف موارد تلك الدول لمائة عام قادمة على أقل تقدير، إضافة إلى أن ذلك التدخل يجعلها بعد تغيير النظام القائم مهيمنة على النظام الجديد الذي يكون طوع الإرادة فتأمره على توقيع اتفاقيات اقتصادية لصالحها تستمر لعشرات السنوات، وكل هذه المصائب يكون قد جرها من حَكَمَ وطنه حكماً دكتاتورياً ولم يجد من أمته العربية من ينصحه أو يورعه ففتح الباب عنوة أمام التدخل الأجنبي السياسي والعسكري الذي لا يمكن بأية حال من الأحوال أن يأتي بخير ،وإذا كان الغرب على وجه الخصوص يدَّعي أن دافعه للقيام بتلك التدخلات العسكرية العارمة حماية المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وشباب وشابات.
فأين هذا الغرب وأين نخوته من المذابح الصهيونية التي تُرتكب على مدار ساعات الليل والنهار فوق أرض فلسطين ، وقد بلغ الاستهتار بالقيم السياسية العالمية أن الصهاينة أصبحوا لا يتورعون عن القيام بطلعات جوية حربية تعبر كل الأجواء لتضرب هدفاً في دولة بعيدة عنها آلاف الأميال كما حصل عند قيام الصهاينة بضرب هدف في بورتسودان ثم العودة إلى قواعدها سالمة تاركة للآخرين الندب والصياح والنواح، أما الغرب الذي يدَّعي أنه راعي القيم والإنسانية فإنه يتجاهل العدوان الصهيوني المتكرر على المدنيين والآمنين وربما يقوم بتبريرات تُشجع الصهاينة على المزيد من العدوان وحتى عندما يشكو الضحايا حالهم إلى مجلس الأمن وتُحاول بعض الدول الأعضاء فيه إصدار قرار إدانة ضد الأعمال الهمجية التي يقوم بها الصهاينة فإن اليد البتراء التي تُمثل واشنطن ترتفع بالفيتو في وجه جميع المؤيدين للإدانة، وهذا الفيتو الظالم الذي أعطي دون وجه حق لخمس دول تملك العضوية الدائمة في مجلس الأمن فإن تسعين في المائة من استخداماته تمت عن طريق الولايات المتحدة وضد ضحايا إسرائيل من العرب، وكأن الفيتو وُضِع لتشجيع إسرائيل على قتل العرب الأبرياء وحمايتها من أية إدانة.
أما العرب وجامعتهم فقد أمسوا لا يأبه بهم أحد وأصبحت اجتماعاتهم وقراراتهم حبراً على ورق فإلى متى يا أمة العرب؟!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *