إلى متى نتعالج على حسابنا؟

• بخيت طالع الزهراني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** كنا ستة سعوديين – ذات مساء قريب – نقف دفعة واحدة على طاولة الاستقبال في المستوصف الاهلي، الموجود في حينا، وكل واحد منا يمسك بمحفظة نقوده، استعداداً لدفع (المعلوم) للموظفين الاثنين، اللذين غرقا في استقبال ارتال المراجعين الذي تقاطروا على المستوصف ليس في تلك الليلة ولكن في كل ليلة، بينما المستوصف الحكومي الوحيد في الحي يغط في نوم عميق مبكراً، منذ ما قبل صلاة المغرب لان دوامه انتهى، ولم يعد في مقدور احد طرق ابوابه، وطلب الاستشفاء منه، على الرغم من بؤس خدماته مقارنة مع المستوصف الاهلي الصغير، الذي يقع بجانبه.
** هل نقول ان هذه مشكلة كبيرة، ان اتعالج انا وانت – كسعوديين – على حسابنا في كل مرة، بينما تقتطع وزارة الصحة ميزانية كبيرة في كل عام، ونسمع ونقرأ الاكليشة المعلبة الرنانة المعتادة (خدماتنا الصحية المتميزة) والتي لابد ان يضحك منها كثيرا، كل الذين يتعالجون على حسابهم من المواطنين – وما اكثرهم – وكأن تلك العبارة في وادٍ، والحقائق على الارض في وادٍ آخر!!
** المواطن اليوم صار أكثر وعياً، ولم تعد تنطلي عليه مثل هذه العبارات، وهو يقوّم الاداء الخدمي لاية وزارة من خلال ما يلقاه هو، وما يلمسه، وما يتوفر تحت يده من حفاوة وترحيب وخدمة، اما غير ذلك فإنه لا يعير ذلك بالاً، وهناك من يراه لمجرد الاسهلاك الاعلامي، الذي يبدو اننا بالغنا فيه كثيراً، وصار نجاح عملية جراحية معينة هنا او هناك او اكثر، وكأنه تقويم شامل للأداء الصحي الكامل لكل المواطنين!!
** اعتقد ان معاناة الناس من \”مراكز الرعاية الصحية الأولية\” لوزارة الصحة – وأنا أتحدث عن الصورة التي أراها هنا في جدة – صار بالتأكيد حديثا مملاً وبالنسبة لي اصبح لا طعم له ولا رائحة وكأننا ننفخ في \”قربة مثقوبة\” بعد بحت الاصوات من الخدمات الضئيلة لهذه المراكز والتي لم تعد تواكب طموحنا ولا حتى تبعث في نفوسنا أملا بأن \”لا ينصلح حالها\”!!
** انا لا افهم ان مؤسسة صحية حتى ولو كانت على مستوى \”مركز رعاية\” يغلق ابوابه في وجوه المرضى والمحتاجين، ويعمل بنظام دوام ساعات محدودة، مثله مثل المدرسة التي تفتح ابوابها صباحا وتغلق الثانية بعد الظهر.. بل إن الذي افهمه أن الواجب، ومن صميم عمل المؤسسات الصحية، وأعني \”مراكز الرعاية\” ان تظل مفتوحة الابواب على مدى الـ 24 ساعة لأن المتاعب والوعكات والأمراض ليس لها ساعة او ساعات، ولا تأتي باختيار الناس وكون هذا المركز او ذاك يتعامل بنظام الدوام لساعات فقط من اليوم الواحد فإن هذا معناه \”ذر الرماد في العيون\” ليس إلا!!
** بودي ان اسأل وزارة الصحة عموما، والشؤون الصحية في جدة.. هل هي تشكو من عجز مادي او فني عن مقابلة حاجات الناس المرضى الى هذه الدرجة؟ أم أنها قناعة راسخة لدى الوزارة بـأن هذه هي الخدمة المتاحة، وهذا هو الدور المطلوب منها فقط؟!! وهل \”مركز رعاية\” وحيد فقط يكفي كل الحي بينما مثلا في الحي ما لا يقل عن عشر مدارس فما هو الذي دفع وزارة التربية الى توفير خدمة \”كمية\” على الأقل بهذا العدد ووقف حائلا دون وزارة الصحة، مع ان كل من الوزارتين اخوات ومصدر تمويلهما واحد هو وزارة المالية!
** لا أدري هل في مقدرو احد في وزارة الصحة ان يقرأ هذه السطور ليعرف طرفا من معاناة الناس، مع ان هذا الموضوع الذي اشبع كتابة حتى صار مملاً، أم ان اركان الوزارة مشغولون هذه الايام بحمى الخنازير، ولا بد ان نعذرهم حتى تنتهي الاشكالية على طريقة \”شدة – وتزول\” ام ان الوزارة ستتحرك حتى ولو متأخرت وتوفر مالا يقل عن اربعة مراكز في كل حي وبدوام كامل 24 ساعة ووفق آلية عمل لاتقل عن خدمة المستوصفات الاهلية المجاورة لها على الاقل، أما ان تبقى الامور كما هي دون تطوير او تعديل، فإن هذا والله مما لا تبرأ به الذمة؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *