إلى العالم الأول
شهوان بن عبد الرحمن الزهراني
الطموحات حينما تفوق قدرة الإنسان وتتعدى مساحات إمكانياته فإنها تبقى أحلامًا لا تلبث أن تزول، والآمال التي يستظلها ويمني نفسه بغدٍ مشرق وفجر بديع، إذا لم تكن على أسس قوية فستظل مجرد آمال يستدعيها الإنسان كل حين، أما تحقيقها فيبقى رهين ظروف وإمكانيات إذا لم تتوفر فسينقلب الحلم إلى وهم يكتشف الإنسان بعد حين أنه كان بعيداً عنه بعد الثريا عن الثرى.
كل مواطن يتمنى الوصول إلى العالم الأول بل وفي المقدمة، ولكن الأماني والأحلام شيء والواقع شيء آخر. فلن يكون الوصول لذلك إلا بتوفر العوامل المساعدة والركائز الأساسية. حينما يشعر المواطن بتلك النقلة الحضارية ويعيشها، وإلا فإن من يريد الوصول للعالم الأول بدونها يصبح كمن يريد أن يعبر المحيطات سباحة، أو يرقى إلى السماء بدون وسيلة. فإما أن يصطدم بالواقع ويتراجع عن أمله أو يكابر لفعل ذلك فيكون الهلاك سبيله. فلكل عمل طريقة وأسس، ولكل نتيجة مقدمات ولكل هدف أدوات ووسائل لابد من وجودها.
ومن يدقق في الواقع المعاش يجد أن تحقيق هذا الحلم يكتنفه عوائق من أهمها على سبيل المثال لا الحصر:
1- هشاشة البنية التحتية في عدة مجالات فمشاكل المياه مشكلة كل مواطن إلا من كان له حظ عظيم، والمياه الجوفية جعلت الأرض رخوة والشوارع ذات حفر ومطبات ومشكلة مياه الصرف الصحي مشكلة ذات جذور عميقة، وشبكة تصريف السيول فواجعها كبيرة، وطرقنا وشوارعنا مزدحمة لم تعد تسمح بالمزيد من الحركة،فكيف لنا بالعالم الأول مع هذه الوضعية.
2- الطاقة الكهربائية ذات عطاء متدنٍ فالمواطن يشكو من عدم إيصال الكهرباء لمنزله وإن وصلت لم تكن حسب طلبه ورغبته ثم كم تفاجئه بالانقطاع في أوقات هو بأشد الحاجة إليها.
3- الخدمات الصحية مشكلة كبيرة فمواعيد الفحوصات والعمليات بالأشهر لعدم توفر الأسرة وعدم وجود العدد الكافي من الأطباء، فهل نصل للعالم الأول والمواطن يرزح تحت هذا الأمر.
4- الوصول للعالم الأول يحتاج إلى استغلال جميع الطاقات والكوادر الشبابية المؤهلة وتوظيفها.
5- العالم الأول يتطلب وجود دعم لا محدود من رجال المال والأعمال للبحوث العلمية ودعم الكليات والأقسام العلمية وتبني المواهب ورعايتها وتمكين أصحاب المخترعات من إنجاز مخترعاتهم وتطويرها، ولكن ذلك في حكم المستحيل فالربح العاجل في العقار والتوسع في القروض هو الذي أخذ بالألباب وسيطر عل الأفكار. ولا سبيل لمحاسبة التجار.
6- مستلزماتنا الاستهلاكية عموماً والكهربائية خصوصاً كلها مستوردة وليس هناك مصانع محلية تغنينا عن الاستيراد، فكيف نقف مع العالم الصناعي في الصف الأول ونحن نفتقد هذه المصانع والمنتجات ونستوردها من الخارج. فالانضمام للعالم الأول يحتاج لمنافسة قوية في كل المجالات وبخاصة المجال الصناعي وبالأخص إنتاج قوة تحمي الوطن وتكون من كافة الأسلحة والذخيرة تنتجها المصانع الوطنية حتى يكون للوطن هيبته وقوته، فالعالم لم يعد يحترم إلا القوي.
إن الوصول لن يكون عن طريق الآمال والأحلام أو بمجرد إقامة الأبراج السكنية في حين أن كل ما فيها من مواد وأجهزة وأثاث مستورد، ولن تكون دور السينما أو إنتاج أفلامها وسيلتنا للعالم الأول ولو امتلكنا معامل هوليوود، ولن تكون المسارح سبيلنا للوصول للعالم الأول حتى لو كان في كل شارع مسرح، ولن نكون في صفوف العالم الأول حتى لو كان نصف الشعب شعراء ومطربين وممثلين والنصف الآخر روائيين.
نعم إن الوصول للعالم الأول يتطلب القضاء على هذه السلبيات ثم التخطيط السليم للمستقبل بدقة وعقلانية فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وما ذلك على الله بعزيز.
اللهم احفظ لوطننا دينه وأمنه ففيهما القوة والعزة ولا عزة بغير الإسلام.
ص.ب 14873 جدة 21434
فاكس : 6534238
التصنيف:
