بانت الآن بعض أسباب أزمة الأراضي وارتفاع العقار في مدن ومناطق المملكة . فقد اتضح أن هناك من يتعدى على الأملاك العامة بكل جرأة ليستقطع المساحات الشاسعة داخل المدن وخارجها بطرق ملتوية .. لا تخلو من مساعدة بعض عديمي الأمانة والضمير في بعض الإدارات الحكومية والمحاكم ، الذين يسهلون أمورهم ويسعون لتحقيق رغباتهم .. لأسباب لم تعد خافية على الجميع ، ولا تحتاج إلى ذكاء لمعرفتها . بما يعني أن مع كل متعد شركاء في الفعل ، وإن لم يظهروا في الصورة . سواء من صغار الموظفين أو كبارهم ، أو كتاب عدل وقضاتهم .
فقد تناقلت وسائل الاتصال المختلفة قبل أيام خبرا مفاده نقض صك بجدة تقدر قيمته بتسعين مليار ريال ! لمساحة تبلغ ثلاثة وثلاثين كيلو متر مربع ! في منطقة استراتيجية داخل مدينة جدة . ولكم أن تتصوروا هذا الرقم الكبير الذي يزيد عن ميزانية عدد من الدول ، أو هذه المساحة الهائلة التي تقام عليها مدينة بكاملها . فكأنما تمتد لمسافة ستة وستين كيلو متر طولا في خمسمائة متر عرضا – في حين غيره لن يجد مساحة مائتي متر ليقيم له مأوى يأويه وأطفاله – ولكم أيضاً أن تتخيلوا تلك المساحة الشاسعة التي تمكن رجل الأعمال ( المعروف أو غير المعروف ) من استخراج حجة استحكام عليها من إحدى المحاكم . علما بأن المحكمة ذاتها تعلم أنه يستحيل أن يملك شخص أو أسرة أو حتى قبيلة مثل هذه المساحة سواء بالإحياء أو الشراء أو المنح .
ولأن للحق صولة وللباطل جولة ، فقد انكشف للجهات المختصة بأن صك الأرض المشار إليها قد تلاعب بمساحته قاض مفصول . وما بني على باطل فهر باطل من الأصل . ولا يفصل قاض من مكان العدل إلا وهو يستحق أكثر من ذلك . وأجزم أن الفصل لا يعد عقوبة لمثله والمفترض أن يخضع وأمثاله لجزاء صارم . فالوطن للجميع وليس لأفراد يتلاعبون على كيفهم وهواهم ، يبيعونه بالرخيص لتزيد ثرواتهم الخاصة بتلاعبهم واحتيالهم .
وهذه ليست حالة خاصة بل هناك حالات مماثلة كشفت عنها وزارة العدل ، حيث سبق لمحكمة استئناف مكة المكرمة النظر في عشرات الملايين من الأمتار في مكة وجدة والطائف والليث وخليص … بناء على ما رفعته الوزارة لها لعدم سلامة الإجراءات المتبعة في إصدارها وعدم منطقية الادعاءات شرعا وعرفا ونظاما . ومثل ذلك في العاصمة الرياض فقد أوردت الصحف خبرا سابقا عما قامت به وزارة العدل مشكورة من إلغاء عدة صكوك لأراض تزيد عن خمسمائة مليون متر مربع ، أي بمساحة تقارب مساحة دولة البحرين قدر ثمنها بأربعمائة مليار ريال . وهكذا
تزيد ثروات أشخاص على حساب غيرهم وما يقتطعونه من حقوقهم وما يسببونه من إشكالات لبلادهم .
ولا ندري ماذا تم بعد ذلك ؟ وهنا تظهر مسؤولية وزارة العدل بالنظر في صكوك المخططات الكبيرة السابقة فربما مضت بنفس الأسلوب الاحتيالي مما يقتضي استعادة جميع الأموال وإرجاعها لخزينة الدولة ومحاسبة الجناة عقابا لهم وردعا لأمثالهم والعمل على حفظ الحقوق ورصد المتلاعبين وأخذ ما اغتصب عنوة . فربما شكلت ميزانيات ترليونية لبلادنا لأعوام قادمة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *