[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مهل المطيري[/COLOR][/ALIGN]

تستخدم أيديولوجيّة إقصاء الأصوات الإنسانويّة في مجتمعاتنا تحديداً القوّة التجييشيّة الحامية لخلع \”المشروعيّة\” عليها، وللمناهضة الدّامية لإحدى أهم طرائق النّجاة اليوم وهي التفاعلات البنّاءة والمستمرّة بين كل مكونات المجتمع الواحد كتحولٍ طبيعي من أجل الاستمرار والتطوّر وفق مفاهيم هذا العصر.
فجاءت – تلك الأيديولوجيّة- فارضةً صيغتها السّكونيّة والدّوغمائية في الوعي الجمعي لدينا باستماتات مُقدّسة بالمذهبيّة والدّينية أوحتى بالمناطقيّة والقبائليّة أحياناً، فكانت المحصلةُ النّهائيّة في ذلك سيادة انعدام الطرائق المباشرة للتواصل الحُر الخلاّق، والهيمنة على الوضع داخل المجتمع بل وتصديره باسم الحقيقة والفضيلة وبالكفاح المُقدّس الذي يقوم به الإنسان ضد أخيه الإنسان امتثالاً لهيمنة تلك الأيديولوجيّة واحتماءً بهيبتها\” المزعومة\”. وتوالت عمليّات هدم المعاني الإنسانيّة العامة في المجتمع على كافة الأصعدة، فجاء الفرّد خاملاً بمنأىً عن معادلات البناء الفعلي في مجتمعه، وارتضى أن يكون خارج سياق استرداده إنساناً راشداً وحُرًّا في اختياراته، وأداةً حادةً ضد التّحولات الإنسيّة – تماماً- طبقاً للبرمجة الحرفية العابرة التي تعد المادة الخام لتلك الأيديولوجيّة.
وعليه، -وبكل تواضعٍ – لا يمكن أبدًا أن تكون أبجديّة البناء في مجتمعنا ظاهرة متحققة للجميع ومكتملة النّمو إلا على الحضور الفاعل بين كل مكونات المجتمع ووحداته تكافلاً وتعايشاً وتمثيلاً بعيدًا جدًا عن سياقات الارتداد والأُحاديّة والغرور، والعمل على التّجذّر الواعي في المُتغيرات المنطقيّة والحتميّة الكُبرى، وفسح المجال واسعًا لكل الانتماءات والقيم والمصائر السّويّة التي تَطّرد في عالمنا اليوم، والتّعجل في تبديد الأحكام السلبيّة والمُسبقة وسوء التّفاهُمات التي لم تزل تُنهك العقول والأبدان دونما اتفاق، والتّحرر تماماً من المُسلّمات التي تتحكم في الآراء، وتحرير الطّاقات المكبوتة، هذا إذا كُنّا جادين حقيقةً ومتفاعلين في ممارسة الإصلاح في كافة شؤون حياتنا، وإغاثة إنسان هذه المجتمعات بعيداً عن أي أيديولوجيّة أو خطابات عنجهيّة.

* بقلم/ مهل المطيري- الرّياض- ( باحث)

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *