[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت بن طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** ما حدث بين الإخوة المصريين والجزائريين من تعصب كروي وصل مداه , يمكن ان يحدث في أي مكان في العالم , بين أنصار فريقين لكرة القدم .. لكن الفرق انه كان ( بنكهة عربية ) بمعنى أن ( البهارات العربية ) هي غير كل بهارات العالم , وخصوصا العالم المتقدم , ولسنا هنا بصدد استرجاع الأحداث المخجلة , التي تم توثيقها , أو تلك التي فلتت من الرصد الإعلامي , لكننا بصدد الإشارة إلى أن انعكاس درجة الوعي العربي , وحجم النضج المتواضع لشعوبنا – نحن بني يعرب – من خليجنا الثائر إلى محيطنا الهادر , واخشى – حقيقة – أن يكون ذلك المشهد , الذي رأته عيوننا وعيون العالم من حولنا , هو الصورة المختزلة له .
** وأرجو ألا نكون كعرب مخدوعين كثيرا بأنفسنا , يوم توهمنا أننا في مستوى كبير من الوعي , ومن الروح الرياضية , ومن التعاطي الحكيم مع أية حالة من الغوغاء , يمكن أن تحدث في صفوف مشجعي الكرة عندنا , كما يمكن أن تحدث في أوروبا أو أمريكا الجنوبية – المعروفتين بهوسهما الكروي – وإذ بنا نرى كمثال ما حدث بين أحبابنا – مصر والجزائر – واقصد حالة الشحن القصوى التي تم تعبئتها بغير هدى , حتى في صفوف عدد من العاملين في الجهات التنفيذية , وبعض مسؤولي كرة القدم في الجملة .. ثم – وهنا الفاجعة – ما حدث في صفوف الإعلام بشكل خاص , من تعبئة عجيبة للجماهير , وتكسّب من بعض الإعلام خارج شرف المهنة , جعلته ينزلق ذلك المنزلق المخجل .
** الإعلام .. في الواقع – وفي مثل هذه الحالات – يُعوّل عليه كثيرا جدا , في ضبط وتيرة الاندفاع الجماهيري , لأنه – أي الإعلام – هو من يقود فكر الناس – هكذا يفترض – وهو أكثر المؤهلين لان يصوغ ثقافة الأمة , نحو معالي الأمور , فإذا كان بعض الإعلام هو أول من قاد ( الزفة ) وحمل الطبل , وهاج بالأبواق .. فكيف يمكن لك ( ياعبد المعين أن تعين ) .. خصوصا و( عبد المعين ) .. كما قلنا – ركب الموجة – إلى حد أن مطبوعة معروفة , إذا صحت الروايات , قد خاضت في مياه التعصب الأسنة , بألفاظ وجمل مشتقة من القرآن الكريم , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
** أحد الظرفاء يقول : لو لم يحدث ما حدث من ( هيصة ) طويلة عريضة , لا لزوم لها أصلاً , بين بلدين عربيين شقيقين – هما مصر والجزائر – لما كنا أصلا عربا .. هذا الأخ الظريف كان يتهكم بالتأكيد .. وكأنه يقول مازحا : أن من تراثنا وثقافتنا – نحن اليعربيين – أن ننتج مثل هذه المسرحية الهزلية , التي سجلها التاريخ , كتراشق بيزنطي فارغ , يحكي حجم المأساة , التي نعيشها كعرب , منذ تنازلنا عن ريادة العالم , قبل أكثر من ألف عام , وبعد تقوقعنا على أنفسنا , وتواضعت أحلامنا , بحيث صارت عند البعض , تقتصر على الهزيل دون الجليل .
** يا أخي .. هب إنك تأهلت .. فحتى لو بلغت ارفع تجمع عالمي كروي , فماذا يعني هذا لي كعربي , إن كانت الأحوال – في الغالب – هي الخروج من التصفيات منذ الدور الأول , وبشباك متخمة بالأهداف , فهل سيكون تأهل فريق عربي معناه – مثلا – العودة بكأس العالم , أو اللعب على النهائي , أو حتى الوصول إلى دور الأربعة ؟ .. وهل أنا – كفريق عربي – سوف أجرع البرازيل هزيمة مذلة , أو سوف اسحق المنتخب الألماني مثلا ؟ .
** إن الدول التي تعتبر من سادة الكرة في العالم , تعود منتخباتها بمواقف مشرفة , وفي الوقت نفسه تكون شعوبها في الداخل منهمكة في أعمال عظيمة مثمرة , بين مراكز البحوث , ومجمعات التقنية , ومصانع احدث المنتجات المهمة للبشرية .. بمعنى أن هناك ( توازناً ) في التوهج والعطاء .. إبداع هناك على مسرح الرياضة , وإبداع داخلها فوق مسرح العمل العلمي المذهل .
** يا – عرب .. إنها كرة قدم في نهاية المطاف , ومن لزومياتها وأدبياتها البديهية , أن تتواضع عند النصر , وتبتسم عند الخسارة .. وإلا فإنك تمارس شيئاً آخر غير كرة القدم .
** لو كان لي من الأمر شيء لأقمت – عما قريب – مباراة ودية بين مصر والجزائر , أكسر بها حدة ما حدث , و( أزعّل ) بها ( العوازل ) من خارج الإطار العربي الواحد .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *