[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن السويدي[/COLOR][/ALIGN]

قدمت الحضارة الإنسانية في نهاية القرن العشرين ما اعتُبر حينها أهم إنجاز بشري يفوق في أهميته الإنجازات الإنسانية السابقة وهي مجتمعه منذ أن خَلق الله عز وجل الناس على وجه الأرض (أو هكذا وصِف الحدث ساعة أن ألقى الرئيس الامريكي السابق بل كلينتون خطابه عند نهاية القرن الماضي) بعد اكتمال الخارطة الجينية للإنسان، لذا فقد صُور الحدث على أنه يفوق في أهميته مجمل ما توصلت إليه الحضارة الانسانية إلى تلك اللحظة، لكن هناك هبات أخرى تفوق في أهميتها ذلك الحدث لا يمكن إِغفالها كونها محورية في تشكُل القاعدة البيانية لجميع استحقاقات البشرية وفي شتى المجالات العلمية والاجتماعية بما فيها الخارطة الجينية التي لولاها لما تمكنت البشرية من تحقيق تلك القفزات الحضارية الهائلة ألا وهي \”الأرقام العشرية العربية\” تلك اللغة الرقمية العالمية التي تستخدمها البشرية جمعاء دون خيار أو بديل، استحقاق عربي بجدارة وهبة مستديمة بعد أن كان الناس يعدون بطرق بسيطة كالعد على الأصابع ورسم الخطوط على الجدران واستخدام رزم الخرز أو الحبوب وغيرها منتهية بالرموز اللاتينية التي أصابها قصور هام عطلها عن إجراء العمليات الحسابية المعقدة، ليقدم من بعد ذلك العرب للعالم أجمع الأعداد العشرية بعد اكتشافهم للصفر… رمزا كالظل… الذي يعني \”اللا شيء\” وكأنه العَدَم أو الرمز الذي لا قيمة له رغم احتلاله لخانة عشرية، ففرض نفسه ليكون المحرك الحقيقي الذي نتجت عنه تلك الطفرة العلمية للإنسانية جمعاء، أما عن الآلية أو الكيفية التي توصل فيها العرب الى الكشف عن الأعداد العشرية والتي أدت بطبيعتها الى الكشف عن رمز الصفر فإنها تقوم على حساب عدد الزوايا من كل رمز كما هو مبين في الأشكال المرسومة.
ونتيجة لطبيعة تلك الرموز في رسمها فقد كان من الطبيعي استخلاص رمز محايد ليصبح مستدير الهيئة ويخلو من الزاوية، أو رمزا كالدائرة التي لا زاوية لها بطبيعتها… فكان ذلك سببا في تشكُل الصفر الذي تكونت منه الأعداد العشرية… تلك هي المعجزة الحقيقية \”المشروطة في طبيعتها\” التي أهدتها الأمة هبة خالصة للحضارة الانسانية جمعاء لتكتب خاناتها العشرية \”إلزاماً\” من اليمين الى الشمال كما يكتب الحرف العربي أو عند إجراء أي عملية حسابية كالجمع او الطرح في أي مكان كان على وجه الأرض (1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 0) على نقيض من كتابات شعوب العلم الأخرى التي تكتب جميعها تقريبا من الشمال الى اليمين، فبالإضافة الى الأعداد العشرية التي تقوم على حساب الزاوية في رسمها، كذلك يمكن الاستنتاج من أن الحرف العربي قبل تنقيطه هو الآخر مرسوم من مجموعة زوايا متصلة ترسم على خمسة خطوط كما هو حال تدوين النوته الموسيقية التي ترسم هي الأخرى على خمسة خطوط.
لذا فنحن أمة يحق لها أن تفتخر فنحن مهد الديانات وأرض الرسالات ومصدر أصيل لجميع المعارف والعلوم العصرية بالرغم من تردي أوضاعنا وتراجعها عن الأمم الأخرى في الوقت الراهن، وبالتالي فنحن قادرون على إعادة بنائها كما بنيناها أول مرة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *