إسرائيل خارج المجلس المالي العالمي؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] حسن البطل [/COLOR][/ALIGN]

كم تشقلب العالم خلال العقد الأخير! في العام 1999 كانت مجموعة العشرين G20 تبدو وكأنها طفل آخر بالتبنّي لمجموعة G7، على غرار ولع مادونا وأنجلينا جولي في تبنّي أطفال من العالم الثالث؛ أو بتعبير من الفيزياء الكونية، أشبه بذيل المذنّب، بينما تشكّل الـ G7 رأسه المتوهّج.
سألتُ محرّرنا الاقتصادي سؤالاً يبدو عبيطاً ومتساذجاً، وهو: لماذا بقيت إسرائيل خارج مجموعة الـ G20؟ أليست هي القوّة العسكرية الأقوى في المنطقة؟.. أو في الأقل صاحبة حجم الاقتصاد الكبير بين دول المنطقة، ولو قياساً بحجم ميزانيتها العامة نسبة إلى عدد سكانها الضئيل نسبياً.
سؤالي الذي لا جواب مقنعاً عليه، ليس ساذجاً، لأنّ جوابه سيملي على حكومة الانتهازي والوغد والأحمق (بيبي، باراك.. وليبرمان) الجواب الصاقع على الشطط السياسي لحكومة إسرائيل الـ 32 في تاريخ هذه الدولة. كيف؟
إنْ لم تعتدل حكومة نتنياهو سياسياً ستحرم إسرائيل من فيض إضافي في الأفضليات الاقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي.. هذا إنْ كان السادة هؤلاء عند كلمتهم هذه المرّة، كما حاولوا وأفلحوا في دفع م.ت.ف للاعتدال السياسي مقابل أفضليات سياسية في الاعتراف السياسي، ولاحقاً أفضليات اقتصادية لجهة المعونات والمِنَح المالية.
معظم تجارة إسرائيل، صادرات وواردات، هي مع السوقين الأميركية والأوروبية، وهما من بين الأكثر إحساساً بوطأة أزمة اقتصادية هي الأشد منذ ثلاثينيات القرن المنصرم، المعروفة بالكساد الكبير، وقد بدأت – دون مصادفة – من السوق الأميركية، ومن هذه السوق تفشّت بؤرة الأزمة الحالية.
كانت قاعدة قياس الـ G7 التي تأسست العام 1977 هي القوة الصناعية الكبيرة، وأما قاعدة قياس مجموعة الـ G20 فهي الاقتصاديات الأكبر.. وبالفعل، فإنّ عشرين دولة تشكّل زهاء 85 – 90% من حجم الاقتصاديات العالمية.
باستثناء عضوية السعودية في مجموعة الـ 20 نظراً لكونها المصدِّر الأكبر، وليس المنتج الأكبر للنفط، فإنّ العالم العربي يغيب عن المجموعة مثل إسرائيل، كما أن جنوب افريقيا دخلت نادي الـ G20 كدولة افريقية وحيدة، بصفتها صاحبة الاقتصاد الأكبر في قارة افريقيا.ما سبق لا يعني أن الحجوم لم تتغير في مجموعة الـ G20 منذ تشكيلها في 31 آذار 1999، حيث أزاحت الصين ألمانيا عن المركز الثالث في حجم الاقتصاد بالطبع، لا في الناتج القومي قياساً لعدد السكان، وتبقى اليابان في المركز الثاني.. والمركز الأول تحتله الولايات المتحدة، ربما ليس أكثر من عشرين أو ثلاثين سنة.
تطرح الأزمة الاقتصادية العالمية أسئلة مباشرة حول زعامة أميركا لاقتصاد العالم في حالتي الرخاء والازدهار كما في حالة الكساد.. لكنها تطرح أسئلة مصيرية ربما حول قدرة الاتحاد الأوروبي بدوله الـ 27 على تغليب المصلحة الأوروبية المشتركة أم الانكفاء لتغليب المصلحة الوطنية، وقدرة الدول الفتيّة في الاتحاد على ضخ الأموال لتنمية دوله الضعيفة نسبياً، التي التحقت به بعد انهيار المنظومة الاشتراكية.
بينما يتحدث أساطين الاقتصاد عن علاجات بطيئة وعسيرة، وربما غير مضمونة النجاح، لتحفيز الاقتصاد الرأسمالي، بعد إدخال تعديلات بنيوية جوهرية عليه؛ فإن هناك مَن يتحدث عن ضرورة طرح عملة جديدة، ولا يعني الأمر استبدال الدولار، بل – كما قال رئيس الوزراء البريطاني، السيد براون – طرح \”عملة الأخلاق في سوق العولمة\”. هذا شعار لطيف يبدو غريباً في زمن أزمة العولمة الاقتصادية عن شعار تشرشل الشهير ابان ازدهار الرأسمالية الجشعة: لا صداقات دائمة، ولا عداوات دائمة.. بل مصالح دائمة.
إذا كانت الأزمة الاقتصادية ستضرب على العصب الملتهب للاقتصاديات العالمية، وبخاصة الأميركية والأوروبية، فهي قد تؤثّر في زعزعة أكبر منظومة أمنية دولية هي حلف شمال الأطلسي، ما دام الجناح الأوروبي يلقي باللائمة في الأزمة المالية الحالية على الولايات المتحدة، التي جرّت أوروبا للحرب ضد الإرهاب، وها هي تجرّها إلى أزمة اقتصادية تتطلب مواجهتها أن تصبح مجموعة الـ G20 أشبه بمجلس أمن مالي دولي هو الأكثر أهمية من مجلس الأمن الدولي.أخيراً، كيف ستؤثّر الأزمة المالية على خيارات إسرائيل السياسية؟ يقولون إنّ عليها مماشاة أوباما وأوروبا في المسألة الفلسطينية ليسايروها في المسألة النووية الإيرانية.. ربما؟!.
الأيام الفلسطينية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *