إسرائيل تريد تغيير دورها بلا ثمن

Avatar

[COLOR=blue]طارق الثوابتة[/COLOR]
مع اقتراب الصراع الفلسطينى الاسرائيلى من دخول عامه السادس والستين واستعصاء الحلول السلمية والعسكرية على انهاء الصراع ووصولها لطريق مسدود تحولت القضية الفلسطينية إلى قضية مزمنة من قضايا العالم.تكمن معضلة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى في وجود البعد العقائدي للصراع وتعد اسرائيل المسؤول الأول على اضفاء هذا البعد عليه فاسرائيل التى لاتستند في شرعية وجودها إلا لمعتقدات منذ أكثر من ألفي عام تفندها كل الحقائق الجيولوجية في باطن الأرض هى من استخدم الدين لاضفاء شرعية لها على ماقترفته من جريمة في حق شعب فلسطين يوم قرر العالم التكفير عن خطاياه في حق أصحاب معتقد اليهودية وحل مشكلتهم مع يهود العالم على حساب شعب فلسطين.اليوم يحدث شيء غريب تاريخياً أن يسيطر اليهود على فلسطين وهو مايضع أمامنا خياران لاثالث لهما لتفسير هذه الحالة وهو أن يكون لدى يهود العالم نفوذ لامتناهي للسيطرة على صناعة القرار السياسى عالمياً وتحكمهم في صناعة القرار في إمبراطوريات لاتدين بالديانة اليهودية كالولايات المتحدة وأوروبا الموحدة أو أن اسرائيل هى دولة تخدم مصالح تلك الإمبراطوريات بعيداً عن أية خدمة فعلية ليهود العالم وأنها دولة وظيفية مؤقتة مرهون وجودها بقدرتها على أداء الوظيفة بكفاءة. إن وجود دولة اسرائيل لم يخدم اليهود بل على العكس تماماً فوجود اسرائيل كان سبباً رئيسياً في زيادة العداوة بين اليهود والأمم الاخرى فقد أدى وجود إسرائيل لخسارة اليهود لقرابة المليار ونصف المليار من البشر وهو تعداد الأمة الإسلامية زد على ذلك فأن إسرائيل التى تعد نفسها وطناً لليهود يبلغ عدد سكانها من اليهود قرابة الخمس ملايين يهودي في حين يعد يهود العالم قرابة 15 مليون يهودي بمعنى أن ثلثي يهود العالم لايرون في فكرة وجود إسرائيل كدولة وطناً طبيعياً لهم وأكبر مثال على ذلك هو العالم البيرت ايناشتين الذى اعتبر دولة إسرائيل دولة محكوم عليها بالموت ورفض اعتلاء أي منصب فيها أو حتى زيارتها وهناك الكثير من أمثاله يدركون هذه الحقيقة.إن اسرائيل اليوم وبعد 65 عاماً من وجودها تدرك جيداً أن بقاءها واستمراريتها مرهون بأدائها لوظيفتها التى أنشأت من أجلها وهو مايحتم عليها اليوم ايجاد حل للقضية الفلسطينية يكون طويل الأمد بقدر الامكان وهو مادفع صانع القرار الاسرائيلى للتسليم بحل الدولتين ولكن بالشروط الاسرائيلية المعروفة والتى ستفرغ أية دولة فلسطينية من أي مضمون للدولة ذات السيادة.
إن اسرائيل التى ما انفكت تفشل في سعيها من خلال أدائها لدورها الوظيفي تحاول أن توجد لنفسها دوراً آخر يكون ذي صلة بالنسيج الثقافي للمنطقة يطبع وجودها فيها وتدرك جيدا أن المدخل إلى هذا هو حل القضية الفلسطينية وعلى الرغم من حيوية هذه القضية لمستقبل اسرائيل إلا أن اسرائيل ليست راغبة أبداً في دفع هذا الثمن اليسير استراتيجيا لبقائها وهى ستسعى بكل الطرق لخفض هذا الثمن مستغلة حالة الضعف لدى الطرف الفلسطينى والعربى والإسلامى في ابرام سلام مجحف مع الخصم في أضعف لحظاته.
الغريب هنا أن اسرائيل تراهن في تاجيلها لهذا السلام على المستقبل وهى متاكدة أن المستقبل سوف يمنحها لحظات تاريخية نكون أضعف فيها مما نحن عليه اليوم وقد تكون محقة في هذا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *