إدعاء النجاح !!
ابراهيم معتوق عساس
هناك فرق كبير بين النجاح الحقيقي وادعاء النجاح في أي مجال من مجالات الحياة ففي حالة النجاح يكون هناك تقييم حقيقي ودقيق لمستوى ما أنجز من نجاح مع العمل على تلافي أي تباين في النسب التي لازمت ذلك النجاح، لأن الجهد البشري عامة مهما ارتقى يظل دون مستوى الكمال، لأن الكمال لله وحده ولكن إذا أخذنا في الحسبان بكل النقاط حتى الدقيقة منها فإنه في هذه الحالة تسير الخطط والبرامج فعلاً لا قولاً من نجاح إلى نجاح ويتطور الأداء ويلمس الجميع التقدم المطرد فيما أنجز وتسير الأمور بخط بياني صاعد.
أما في حالة ادعاء النجاح فإن الذي يحصل أن البرامج أو الخطط التي ادعى القائمون عليها نجاحها وتفوقها تقف عند المرحلة التي وصلت إليها بغض النظر عن المستوى الذي حققته لأن ادعاء النجاح هدفه إغلاق الباب أمام معرفة أي قصور يكون قد حصل وهذا بالتالي يؤدي إلى حجب معلومات مهمة يحتاج إليها من يريد أن يطور برامجه وخططه في أي مجال من المجالات التي تهم البلاد والعباد، ذلك أن ادعاء النجاح في غير موضعه يؤدي إلى نشوة مزيفة يعيشها من يدعي النجاح وهذه النشوة تقود صاحبها عادة إلى نوع من الارتخاء والتراخي وحتى لو حاول وضع دراسات أو خطط جديدة فإنها لن تكون على أساس سليم لأنها بُنيت على ادعاء النجاح وليس على النجاح الحقيقي النسبي الذي يتطلع الإنسان من خلاله إلى السعي خلف التطوير المتتابع،ولذلك يلمس أي إنسان الأثر السلبي لعملية إدعاء النجاح على كثير من الأمور لأن ذلك الادعاء يجعل الأمور تدور في دائرة ضيقة مغلقة تؤدي إلى تكرار الأخطاء والملاحظات التي قد يزداد حجمها مع مرور الأيام والأعوام لعدم الاعتراف بها أصلاً والاكتفاء بادعاء النجاح المطلق وذلك هو ضد حركة التطور والحياة.
إن الاعتراف بوجود قصور لا يعني أن القائمين على البرامج والخطط قد أهملوا واجباتهم أو قصروا في بذل ما يستطيعونه من جهود بل إن الواقع يؤكد ان الجهود والأموال موجودة وأن الرغبة في النجاح وتحقيق إنجاز ولكن العوائق قد تكون أكبر من تلك الجهود والخطط والبرامج، لذلك فإن الاعتراف بالواقع وعدم الاكتفاء بادعاء النجاح المطلق هو السبيل إلى تلافي السوابق وتطوير الخطط والبرامج، أما إن اكتفى كل إنسان في موقعه بادعاء النجاح الكامل فإن العديد من الجهود والأموال تُصرف في غير محلها لأن معظم الخطط والبرامج بُنيت ووُضعت ونُفذت بعيداً عن المعلومات الإحصائية الدقيقة وباقي الأمور التي تُبين مواققع القصور ونقاط النجاح بلا تضخيم ولا ادعاء.
وخلاصة القول إن العوائق والصعوبات هي جزء أساسي من الأعمال فقد تكون في الإمكانيات أو في القوى البشرية ومستواها أو هي مرتبطة بالثقافة العامة للمجتمع وللمتعاملين مع تلك الخطط والبرامج أو تكون في البرامج والخطط نفسها ولذلك تحديد نقاط ضعف في جميع هذه الأمور هو السبيل الأوحد بعد توفيق الله يؤدي إلى تلافي ما يحصل من قصور وهو الذي يقود إلى النجاح الحقيقي أما الاكتفاء بادعاء النجاح فإنه لن يُساهم أو يؤدي إلى تقدم أي مجتمع حتى لو هُيئت له جميع الإمكانيات المادية !!.. والله الموفق.
التصنيف: