أخبرني أحد الأصدقاء بأنه كان مع عدد من الأشخاص في زيارة لتهنئه أحد المسؤولين بعدما صدر قرار تعيينه مديرا عاما لإحدى الإدارات التربوية التعليمية.
ومع عبارات التهاني والتبريك – التي تقال في مثل هذه المناسبة – المقرونة بالابتسامات العريضة تكلم أحدهم موجها الحديث للمدير الجديد قائلا سأقدم لك نصيحة هامة.. أتمنى أن تأخذ بها من أول أيام عملك . قال المدير تفضل فنحن بحاجة إلى نصحكم ومساعدتكم فانصب الكلام سريعا من الناصح غير الأمين . قال عليك بفلان ويقصد به أحد موظفي تلك الإدارة ( قصقص جناحيه .. تراه شايف نفسه ) وزاد الثاني فعلا ترى يحتاج لتحجيم منك . وترددت عبارات مشابهة في معناها من البقية ضد ذلك الموظف . وكنت في غاية الاستغراب – والحديث للصديق – مع سماع هذا الإيغار خاصة وأن من تم التأليب عليه يعد من العناصر الناجحة والمشهود لها . وزادت الدهشة والغرابة عندما رد عليهم بضحكة تبدي سروره ورضاه لما سمعه قائلا : ما عليكم سأقص جناحيه وأنتف كل ريشه !! وعرفت لحظتها أن المسؤول قد يرتفع أو يسقط بكلمة أو تصرف غير حكيم .
فقد كنت أتوقع وهو القائد التربوي أن تكون إجابته أكثر وعيا وأبعد عمقاً في التقريب لا التنفير والمعالجة لا المخاصمة ، وألا يؤيد أسلوب المشاحنة المنهي عنها شرعا وأن تكون لديه الفطنة لمعرفة معنى الغيبة والبهتان ، وما يجب عليه كمسلم في المقام الأول وكتربوي ثانيا بعدم السماح بالنيل من الآخرين بهذه الصورة المشينة . لأن المعاني السامية للتربية لن تتحقق في ميدان العمل إذا تسنم المسؤولية أمثال هذا الرجل .
وما استمعت إليه من الصديق لا يثير الدهشة فقط بل يسبب الألم النفسي الكبير طالما هناك أفراد من هذا الصنف الذي لا يرتاح ولا يهدأ له بال حتى يسيء للآخرين في محاولة للتقليل من جهدهم وعطائهم وتشويه صورتهم . والأكثر إيلاماً للنفس أن يكون هناك مسؤولون بعقليات صغيرة وتصرفات بليدة يتمثل أسلوب إداراتهم بنتف الريش !!
وهم في الواقع يعكسون مستواهم الحقيقي ، كونهم لا يتمتعون بالأهلية للقيام بأعباء المسؤوليات القيادية سواء كانت تربوية أو إدارية أو فنية … فهم فارغون وغير واثقين من أنفسهم فحرصهم على تلك التطبيقات السلبية تجسد اهتزازهم من الداخل . فهم مؤهلون لنتف الريش ولكن ليس في المؤسسات التربوية والإدارية ولكن في محلات بيع الدجاج . وربما الصدف ساقتهم لأن يتبوأوا المواقع القيادية وربما أحد الحروف الهجائية قدمهم عن غيرهم من المستحقين ، فمثل هؤلاء ينحدرون بإداراتهم ويضيعون كل نجاحات حققتها قبل مجيئهم ، لأنهم لا ينشغلون بالإبداع والتطوير بقدر ما ينحصر همهم في محاربة الناجحين خوفا من أن يختطف أحدهم مواقعهم التي وصلوا إليها بدون استحقاق . وهذه الحقيقة تجسد ما يتعرض له بعض الموظفين المبدعين من قبل مديريهم الذين لا يعرفون طريق التميز والنجاح.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *