إدارة أزمة المياه
د. محمد سالمان طايع
تعتبر المياه شريان الحياة، وأحد الحقوق الإنسانية الأساسية، وهي محور أزمة يومية يواجهها ملايين لا تُحصى من الفئات الأكثر تعرضًا للضرر في العالم؛ أزمة مدمرة تهدد الحياة، وتدمر سبل المعيشة. بيد أن الأزمة العالمية للمياه ليست موضع اهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية، كما أنه لا يترتب عليها تحفيز أي عمل دولي منسق. ومثل الجوع، يُعد الحرمان من الحصول على المياه أزمةً صامتة ًيعاني منها الفقراء، ويتجاوزها من لديهم الموارد والتكنولوجيا والقوة السياسية الكفيلة بالقضاء عليها.
وتشير الإحصاءات إلى أن عدد من يموتون بسبب الأمراض التي تسببها أزمة المياه يزيد عن عدد من يموتون بالسلاح في أي حرب، كما أن هذه الأزمة تزيد من انتشار المظاهر الصارخة لعدم المساواة في فرص الحياة، مما يمثل شرخًا بين الأمم الغنية والفقيرة في العالم.
ويعيش اليوم حوالي 700 مليون شخص في 43 بلدًا على مستوى العالم تحت حد الإجهاد المائي. ويعد الشرق الأوسط –الذي تُعتبر كل بلدانه دولاً إسلامية عدا إسرائيل- والذي يتدنى المتوسط السنوي لنصيب الفرد من المياه فيه إلى حوالي 1200 متر مكعب، أكثر مناطق العالم إجهادًا، باستثناء كلٍّ من العراق وإيران ولبنان وتركيا، وهي البلدان التي تأتي فوق هذا الحد.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن نحو 92% من إجمالي المحرومين من إمدادات المياه النقية يتركزون في قارتي آسيا وإفريقيا، فضلاً عن تواجد 93% من المحرومين من خدمات الصرف الصحي المحسن في ذات القارتين، مع الأخذ في الاعتبار أن ما يزيد على 95% من العالم الإسلامي (دولاً وشعوبًا) يعيشون في هاتين القارتين، وهو ما يشكّل أزمة حقيقية تعيشها دول وشعوب الأمة الإسلامية.
لابد من إنشاء مجلس استشاري إسلامي لإدارة مستدامة للمياه، وإصلاح القوانين الخاصة بالمياه، وهذا المجلس ينبغي أن يضم أساتذة في مختلف التخصصات العلمية، وعلماء في الشريعة؛ لضمان الاطلاع على مختلف الأنظمة، وتعزيز الاجتهاد بهدف وضع استراتيجية إسلامية مائية على الصعيدين: الوطني والدولي، على أن يكون تقييم أداء المجلس والاطلاع على الفتاوى والقرارات والدراسات الصادرة عنه، في متناول جميع فئات المجتمع الإسلامي؛ إعمالاً لمبدأ «حوكمة المياه».
التصنيف: