[COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR]

يعجبني جداً اسم جماعة الإخوان المسلمين بالإنجليزية ( The brotherhoods ) لأنه يوحي بالتآخي والتجاور بروح الأخوة ومن هنا كسبت الجماعة تعاطف ملايين العرب بعد أن مورس هذا المعنى بجدارة على أرض الواقع من خلال إبراز المحبة الإنسانية التي تشجع عليها جميع الكتب السماوية ويؤكدها الكتاب الخاتم الحكيم.
أحد مشاكلنا المزمنة كعرب أننا لا نتعلم من التاريخ البعيد أو القريب فتجدنا على المستوى الفردي أو الجماعي نكرر ممارسات فعلها السابقون من الأولين والآخرين وتأكد فشلها الذريع وبسببها نبدد الكثير من الموارد ونؤجج الاحتقان بمختلف الألوان، في الغالب ما يؤدي لتكرار الممارسات الخاطئة هو عدم محاسبة النفس والاعتراف بالخطأ لكي تبدأ مرحلة التصحيح بالتغير وعدم ممارسة هذا الفعل تعود أسبابه الأصلية لمؤثرات فكرية تحولت لأيديولوجية.
العمل الحزبي أو الجماعي التطوعي تؤسس قواعده على أهداف نبيلة فلا ينتظر المتطوع مكافأة من الناس، وعندما يكون هذا العمل يحمل الصبغة الدينية تتوقع منه الرحمة والخلق الرفيع وهكذا فعل الإخوان المسلمون، المصيبة الكبرى وأحد الأخطاء المتكررة تحدث عندما يتحول هذا الداعية أو الأخ المسلم إلى السياسة وتتفاقم لتكون طامة كبرى عندما يستخدم الدين للوصول لقلوب الناس وفجأة يتضح الهدف الحقيقي وهو سدة الحكم للحصول على السلطة والمال للسيطرة على الأحوال في ظل إهمال لأهم الأقوال \”لا إكراه في الدين\”.
عندما يتكون الفكر الإنساني على أهداف خفية غير الأهداف الظاهرة حتى وإن لم يكن الفرد مدركاً لها بسبب الهوى أو بسبب الإتباع الأعمى سوف نجد أن السياسة المغلفة بالدين دائماً ما تتصادم مع خلق رب العالمين لأنها ليست على الصراط المستقيم بقدر ما أنها على صراط مرشد قديم ولهذا يتناقض القول مع الفعل.
ما يؤخرنا كمسلمين مما لم نتعلمه من السابقين هو أننا نريد أن نصنع ديناً سياسياً ولا ندرك أن السياسة عمل جماعي وتُغلب فيه المصالح في حين أن الدين عمل فردي يُغلب عليه العمل الصالح، ولذلك لابد أن يختار المرء بين أحد الجانبين لأنك لا تستطيع أن تقارن العلاقة البشرية التي قررها الخالق مع المخلوق أو تدمجها في السياسة ما يقرره البشر بين أنفسهم وأحوالها تتغير كالطقس في حين أن نظام الدين لا يتغير بقدر ما يتطور لأنه نظام حياة للمتقين فقط والسياسة للجميع.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *