إخلاء المسؤوليات عن حريق جازان !!
تعودنا عند وقوع أي حادثة شنيعة , أن نرى بعض الجهات الحكومية تحاول التنصل من مسؤولياتها , لتنفي علاقتها بما حدث , وأن ذلك نتيجة لأخطاء غيرها من الجهات . حيث تدفع ببعض المحاضر والخطابات لتثبت حجتها بأنها سبق وأن أحاطت المعنيين بالأمر لتعلن براءتها !! وكأن مهمتها قد انتهت بمجرد إعداد المحضر أو بعث الخطاب . وهذا ما شاهدناه عند وقوع حادثة حريق المستشفى العام بجازان الذي راح ضحيته 148 من المتوفين والمصابين – حسب ما أعلن – حيث خرج الدفاع المدني ليعرض صورة المحضر الذي أعد قبل ثلاث سنوات وخطاب آخر في فترة لاحقة ليوضح للجميع بأنه سبق وأن حذر وأنذر من حدوث كارثة محتملة .. وهو يتنبأ بحدوثها مسبقا لمعرفته بأسبابها التي لم تعالجها وزارة الصحة .. وهذا ما حصل بالفعل !! وتبرز التساؤلات المؤلمة : إلى من رفع المحضر ؟ وإلى من وجه الخطاب ؟ وماذا فعلتم بعد ما قاموا بتشغيل المستشفى قبل تصحيح الملاحظات ؟ ومن الذي قام بالاستلام ؟ لأنها تعد من الأخطاء الفادحة لا يعفى المتسبب فيها أيا كان . فالسكوت على الباطل باطل أكبر . فما ذنب المتوفين الذين كانوا يبحثون عن الشفاء فأصبح المكان مع الأسف الشديد هو أكبر داء. وطالما كان المحضر الموقع منكم – أصحاب الشأن – ينذر بكارثة كما توقعتم فهل تدخلتم بقوة لمنع حدوثها ؟ أم أنكم أعددتم محضركم لإخلاء مسؤوليتكم فقط ؟؟
فأرواح الموتى تطارد كل المسؤولين غير العابئين وأنين المصابين يشكل صرخة مدوية تخترق آذان المهملين حتى يستفيقوا ويعملوا جاهدين لمعالجة أخطاء السنين .
وعندما نتحدث عن جهاز الدفاع المدني فإنه يمكن أن نسقط الكلام على كل جهة أخرى تتخلى عن مسؤولياتها من أي مشكلة تقع , لتلقي باللائمة على غيرها من الجهات , وكأنه لا يعنيها الأمر البتة . وهذه إشكالية كبيرة فكل جهة بل كل فرد معني بالأمر فيها يجب أن يتحمل المسؤولية بقدر الخطأ .
وقد أعجبنا معالي وزير الصحة م خالد الفالح عندما أكد بأن المساءلة في حريق مستشفى جازان تقع عليه شخصيا قبل أي أحد , وأن القدر الأكبر من المسؤولية حول الحريق يتحملها المسؤول الأول عن قطاع الصحة .. واعترافه الصريح بأن ذلك يمثل خللا في رسالة المنظومة الصحية ! وقد وعد بتقصي الأسباب وكيفية التعامل معها والتأكد بأنها لن تتكرر في موقع صحي آخر . والوزير هنا لا يتحدث بمثالية , مع أننا نعلم بداية عمله واستلامه لمهام الوزارة . بل يوضح الواقع المفروض على أي مسؤول ينكشف خللا في جهته .. فوزارة الصحة ليست معفيه من تقديم الحقائق مجردة .. لأن هناك مشاريع مماثلة في مدن ومناطق المملكة لابد من تحري الأسباب حولها ومعرفة جوانب الخلل بها وتصحيحها قبل أن تتكرر الحوادث وتزيد المآسي والعمل على محاسبة المتسببين فيها . كما أن ذلك لا يعفي بقية الجهات ذات العلاقة التي احتمت وراء محضر أو تقرير وأيضا كل مسؤول – صغيرا كان أم كبيرا – توقفت عنده الأوراق دون تدخل سريع . فحماية الناس من الأخطار تتطلب كثيرا من الجهود الصادقة المؤطرة بالوعي المطلوب لتنتظم المسيرة ويسلم الناس من خطر الفساد وشر الإهمال والاستهتار .
التصنيف: