أيها العقل العربي .. ممكن كلمة راس ؟؟

• عبدالرحمن آل فرحان

المجتمع الذي لا يولي العقل مرتبته المستحقة في تحكيم وقياس قضاياه ومشكلاته ، ويحدد به غاياته ووسائله ، لابد وأن يغرق في تعيقدات نوازعه العاطفية المتباينة ، موروثاته ..أساطيره.. عاداته .. خرافته ، باختصار سيغدو مجتمعاً قروسطياً بمعنى الكلمة ، معزولاً عن زمنه المعاصر ، واتكالياً خاملاً يعجز حتى عن البحث في أسباب عزلته ؛ هذا إن شعر أصلاً أنه معزول ، فغالب الظن أن مثل هذه المجتمعات ترى أن عزلتها خصوصية ، ورجعيتها تفرداً ، وتخلفها تفوقاً !! وأيما شخص حاول اختراق هذا العماء الجمعي اتهم بتهم الخيانة والعمالة وربما الردة والكفر ، وهذا من أشد مفرزات تعطيل العقل فتكاً بمصائر الشعوب التي لا تملك سوى خصلة واحدة .. الاتباع لمن يدغدغ عواطفها أكثر ، والاتباع الأعمى هو الرحم ( اللا عقلاني ) الأزلي الذي تتولد عنه دائماً وأبداً كل الجماعات والتنظيمات ( اللا عقلانية ) لتقتل وتنهب وتستبيح أعراض البشر باسم انتماءاتها الروحية ( المفرّغة كرهاً ) من أي ذرة من عقل ، العقل الذي كان ولم يزل الممسك الدائم بزمام الارتقاء الإنساني منذ الأزل بما فيها رسالات الأنبياء والرسل ( أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) الآية ، فالبرهان هو ركيزة الخطاب المتبادل ، وهو الثيمة الأساسية في أي تحاور كان وبين أي طرفين كانا ، أما الأداة الوحيدة لاختبار وقياس مصداقية البرهنة والتجربة والخبرة والخبر فهو العقل .. وأيما جماعة بشرية في هذا الوجود كله اتخذت من هذه الأداة مذهبها ، ومن أحكامها ديدنها ، ومن مفرزاتها سننها وقوانينها علت واستعلت وغدت شامخة تخشاها بقية الأمم .
إن إطلالة خاطفة على مجتمعاتنا العربية اليوم كافية لتحديد معالم تأثير غياب العقلنة والعقلانية في شتى مناح الحياة داخلها ، وكافية لإطلاق صرخة الاستغاثة للعقل العربي- إن كان ثمة عقل لم تنل منه مقصلة الزندقة والتكفير – ومساءلته بكل جدية ؛ أيها العقل العربي هل من بصيص ضوء تراه الآن في آفاقنا العربية ؟ لم نعد نريد التطور التقني والنهوض المعرفي ، فهما مقارنة بما نعايشه الساعة من تهتك مجتمعي واحتراب مذهبي غايات ثانوية بالغة الترف ، لا مجال حتى للحديث عنها حتى على محمل التمني في ظل فاقتنا وعوزنا الشديدين للسلام الداخلي ، نريد الحياة الآمنة المطمئنة لأطفالنا ، هل هذا مطلب صعب ؟؟.

@ad_alshihri
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *