محمد بن أحمد الشدي

هذا العنوان أو التساؤل ليس له أي علاقة بالعشق والهيام، أين عمري تساؤل بسيط ومدهش طالما سمعناه من الجدات والأجداد حتى أصبح من الموروثات أو من السوالف الشعبية المضحكة حيناً والمبكية في حالات كثيرة..!
كانوا يقولون إن واقع عمر الإنسان قصير جداً لا يتجاوز الخمسين عاماً فهو منذ أن يولد حتى العشرين يظل في عين مجتمعه طفلاً وجاهلاً، يمر في فترة الشباب القصيرة وهي بين العشرين والثلاثين التي هي في الغالب ضبابية أو سرابية فيها شيء من الطيش والحماقة والغرور، ثم يصل إلى الأربعين في سن الرجولة ثم يصل إلى الكهولة، ويدلف إلى الخمسين وبدأ يفقد قوته ونضارته وينحني ويذبل كالشجرة العطشى في جوف الصحراء..!
ويقال في الحكايات إن الإنسان تمنّى على الله أن يعطيه شيئاً من عمر الجمل الذي يعيش فوق السبعين فاستجاب له الله فأخذ من الجمل بعض الصفات الطيبة كالصبر والاحتمال وبعض الصفات غير الحميدة كالحقد والهياج.
ثم أن هذا الإنسان لم يلبث \”أن تحوّل طبائع بعضهم\” إلى أن يؤذي الناس وأحياناً له خصال مفيدة إلى حد بعيد ومع ذلك يتحول في آخر أيامه إلى مخلوق غريب نظراً لشدة شراهته وطمعه ثم ينتهي إلى شيء للفرجة.
فهل الإنسان حقيقة مجرد جمل أو حيوان..؟! إن هذا الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم كثيراً ما يتساءل عن عمره ويقول في نفسه أين عمري..؟! فهو في حالات الألم والحزن لا يرى نفسه أكثر من جمل، ولكنه في حالات الرضا يثوب إلى رشده ويشكر الله على أن خلقه إنساناً يتمتع بالعقل والتفكير ويحمده أن هداه إلى الإيمان.
إن على هذا الإنسان أن لا يستهين بنفسه ولا بعقله ولا قدراته فهو الذي عمّر الأرض وأنشأ الحضارات وصعد إلى القمر وأنجز كثيراً من الإبداعات المدهشة التي لم يقدر عليها أي مخلوق آخر.
لذا فليت هؤلاء الذين يسرفون في جلد ذواتهم وتحقير أنفسهم والاستهانة بجدوى أعمارهم أن يكفوا عن تشبيه أنفسهم بالجمل أو الكلب أو القرد فهم أكرم خلق الله على الإطلاق، وحسبهم أنهم يتمتعون بالعقل والتفكير والإبداع، وهذه صفات لم يحرزها غيرهم في الدنيا وفي الآخرة.. فتبارك الله أحسن الخالقين..!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *