[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]حصة العوضي [/COLOR][/ALIGN]

\”رمضان جانا..وفرحنا به..أهلا رمضان..رمضان جانا..\” لم تتغيّر تلك الاسطوانة .. ولم تتغيّر كلماتها .. رغم مرور عقود طويلة من الزمان عليها .. وعندما أذيعت لأوّل مرّة في محطات الإذاعات العربية .. ومنذ ذلك الوقت .. منذ ذلك التاريخ القديم .. ورغم ظهور الأغاني المختلفة ورغم تغيّر الأجيال الغنائية .. وتغيّر الموسيقى والطرب .. إلا أننا لا زلنا وفي كل عام .. في نفس الليلة والتاريخ .. ومنذ أن يتم الإعلان عن ظهور هلال رمضان .. ومهما حاولنا أن نغيّر من مؤشر المذياع .. إلاّ أننا لا نسمع سوى هذا الصوت .. وهذه الاسطوانة فقط .. هي التي تدور .. وهي التي ترحب برمضان .. وهي التي تتناولها المحطات من موجة لأخرى .. ومن تردد لآخر .. هل تساءلنا لماذا ..؟؟ لماذا نفس الأغنية في كل المحطات لم تتغير .. ولم يُضف إليها شيء ..؟ ربما لعدة أسباب مختلفة .. منها أن المطربين قديمًا .. أو حتى في الأزمنة التالية .. لم يكونوا على نفس القدر من التدين والاهتمام بشهر رمضان .. وذلك يعود أيضًا إلى الشعراء والملحنين .. وثانيًا .. فلم يكن هؤلاء المغنون ليبذلوا المزيد من الجهد والعناء .. لأداء أغنية لن تغنى .. ولن تذاع إلاّ مرّة واحدة كل عام .. فمن هذا الذي يجهد صوته وأوتار عوده لتسجيل أغنية لن يسمعها الجمهور إلاّ من عام لعام .. وثالثاً .. أنها فترة موسمية .. لها موسم خاص .. وشعائر خاصة لأدائها .. لذا لن يتغنى الكتاب والفنانون بأداء عمل ربّما لن يكتب له النجاح .. ولن يذاع أبدًا .. وربّما تكون هذه هي الحقيقة .. فالعمل الفني أو الأدبي .. أو الإبداعي عمومًا .. يشترط حتى يكتب له النجاح والاستمرار .. أن يكون صادقًا .. معبرًا عن اللحظة التي يتحدّث عنها .. سواء من ناحية الكلمة أو اللحن أو الأداء .. وهذا ما يمنحه نوعًا من الأصالة والقوّة .. وما يجعله قريبًا من قلوب المستمعين وقلوب الجماهير التي تستمع إليه.
فكم من الأعمال الفنية التي ظهرت وتألقت لأيام معدودة أو لفترة زمنية محددة .. ثم بادت .. ومرّ عليها الدهر دون أن يذكرها ذاكر .. أو يطرب لها سامع .. بينما هناك العديد من تلك الأعمال الفنية .. والتي لا تزال حين تبث .. وحين تذاع .. ينصت لها الجميع بقلوبهم قبل آذانهم .. ويتابعونها بأفئدتهم قبل عيونهم .. فلماذا لا نزال نتمسّك بمشاهدة بعض الأفلام السينمائية القديمة (بالأبيض والأسود) رغم أنها تدور في زمان آخر غير زماننا .. وفي مكان آخر يختلف عن أماكننا اليوم ..؟؟ ليس ذلك للحبكة الدرامية .. أو لسود عيون أبطالها .. وإنما للحظات الإنسانية الصادقة التي تتخللها تلك الأعمال .. لمسات من المحبّة والاختلاف .. والألفة .. والتضامن .. تدور بين الأبطال .. شيوخًا أم شبابًا .. رجالاً أم نساءً .. وحالات جميلة من العلاقات الإنسانية المفقودة في عصرنا هذا .. تجعلنا ننجذب إلى تلك اللقطات البسيطة الحالمة .. والتي ما عاد لها وجود في مسلسلاتنا وأفلامنا العربية .. وما تبثه علينا الشاشات الملونة في كل مكان .. فنحن لا نكاد نرى من كل تلك الحكايات الجديدة .. والإبداعات الحالية .. إلا لحظات الدمار العاطفي والاجتماعي .. والأخلاقي .. والديني .. والاقتصادي .. دون صدق .. دون مراعاة للأحوال الخاصة .. وللعلاقات الإنسانية البسيطة.
ربّما لم يعد هناك أي صدق .. وأي لحظات صادقة في حياتنا الحالية .. ما يجعلنا نعود لنطرب ونبتهج مع الاسطوانات القديمة .. والأصوات الحانية .. وهي تردّد علينا \” رمضان جانا وفرحنا به .. أهلا رمضان .. رمضان جانا ..\” مع أمنياتي برمضان مبارك في أيامه .. مبارك في لياليه .. وصيامه وقيامه .. وكل رمضان وأنتم بحب .. وألفة .. وأمان .. وتسامح.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *