أنياب الأحزان..
للأحزان مخالب وأضراس وأنياب.. لا يراها إلا من علق بشراكها .. ولا يشعر بها إلا من عانى من ضراوتها..
تلك الأحزان التي تقلب حياة الإنسان .. لتحولها من أفراح وابتسامات .. إلى يأس ودموع وقنوط .. وكلما استسلم المرء لتلك الأضراس وتلك المخالب .. كلما سمح لها بأن تقف فوق رأسه بسيوفها الحادة .. فإنها ستزيد من وحشتها .. وستقوي من شوكتها وسيطرتها عليه وعلى أعماقه وكل ما يتعلق به وبمصيره ..
أحزاننا تسلبنا أجمل سنوات العمر .. وأحلى اللحظات التي يجب أن تعاش بكل ما فيها من مرح وبهجة وحياة ..
الحياة يجب أن تستمر .. والصغار الذين لا يعرفون شيئاً عن هذه الحياة .. لا يعرفون الجانب السلبي الذي لا يستطيعون رؤيته إلا من خلال عيوننا .. فعيونهم الصغيرة لا ترى إلا الألوان المبهجة.. وقلوبهم النابضة بالحياة لا تعرف إلا تلك النبضات الخافقة بالأمل والسعادة والحب..
لذا .. فنحن حين ننقلهم من عالمهم الصاخب البريء.. إلى عالمنا المليء بالشجن والأحزان .. فإننا نلقي بهم وبأفراحهم من قمة جبل شاهقة.. ونلقي بأفراحهم وبهجتهم إلى واد سحيق العمق والحزن والبؤس..
حين يتملكنا الحزن.. وتغلفنا سحائب الدموع والكآبة.. لا نعرف كيف نتعامل مع هؤلاء الصغار.. لا نعرف كيف نعيد إليهم تلك الابتسامة المطفأة فوق الشفاه .. لأننا نسحبهم معنا إلى قيعان الأسى والحزن .. ونحطم فيهم تلك البراءة الجميلة .. وذلك الأمل الذي يجب أن يضيء قلوبهم وعالمهم الصغير .. ورغم أننا لا نتعمد أن نلحق بهم الأذى .. إلا أنهم يمتصون منا أحزاننا .. يمتصون يأسنا بجرعات كبيرة .. كافية لأن تقضي على كل ملامح الفرح والبهجة والحياة في عالمهم وطفولتهم.. كم من ثمار اليأس والأسى زرعنا في قلوبهم ودروبهم حتى قبل أن يبدأوا بوضع أقدامهم على الطريق ..؟؟
كم من الأعياد أغفلناها .. وتركناها تمضي دون أن نترك لها الفرصة لتمنحنا بعض الفرح والعزاء والسلوى ..؟؟ ولتشرع لهم أبوابها ونوافذها على كل الجهات المشرقة بالأمل ..؟؟نحن الذين نمتلئ بالحزن حتى النخاع.. ونمتلئ بالقنوط واليأس حتى آخر رمق .. ندفن مع موتانا كل لحظات السعادة.. ونواري كل لحظات الفرح والسرر .. وأحيانا كثيرة نظل قابعين خلف جدران الأسى نندب عمرنا الآتي.. ونحاول أن نمنع الشمس من الشروق للأيام القادمة..
لكننا لا نعي أن الأرض تظل تدور رغماً عنا وعن أحزاننا.. والحياة تظل كما هي .. تأخذ وتعطي في كل لحظة وكل حين .. الحياة لا تتوقف.. والشمس لا تتوقف عن مهمتها اليومية بالشروق والغروب .. وحدنا من نطمس شموس الأمل في داخلنا .. حتى يغطي ذلك الظلام على قلوب من حولنا .. ومن نهتم لأمرهم.. ومن نحاول رعايتهم ..
ترى حتى متى نسمح لجيوش الحزن بالبقاء في أعماقنا ..؟؟ ونسمح لمخالب الكآبة بالنيل منا ومن أيامنا المقبلة..؟؟ لماذا لا نعيش اللحظة بلحظتها .. ؟؟ حيث ننعم بضحكات الصغار.. وننعم بشروق الشمس وإطلالة القمر في كل يوم .. وننعم بتغير الفصول الخارجية من حولنا..؟؟علينا أن نحاول قدر طاقتنا محاربة ذلك الغول الذي ينعم بالراحة والرخاء في أعماقنا.. لنحاول القضاء عليه.. بكل أفراحنا وابتساماتنا وحبنا للغد والمستقبل القادم مع ضحكات الصغار وخطواتهم ..
التصنيف: