أنا مستعدَة، فهل أنتنَ مستعدَات؟
تماضر اليامي
بعد أن شهدت هذه السنة تغييرات ملموسة ونوعية في حجم مشاركة المرأة السعودية المجتمعية بدخولها قاعة الشورى كعضو كامل الأهلية وترشُحها لعضوية الغرف التجارية ومشاركتها في الترشيح.. وبعد أن شهد مجلس الشورى بدخولها مالم يشهده بالرغم من المحاولات المتكررة المضنية عبر السنين، فقد تمكنت عضوة المجلس من أن تخرج ملف قيادة المرأة من ظلمات الأرشيف إلى نور طاولة النقاش وقريباً التصويت وذلك ضمن سعيها لطرح كافة قضايا المرأة السعودية من عنف أسري وعضل وتعليق ووصاية بعد أن همِشت لعقود، أيقنت أن التغيير قادم والحقوق الغارقة في قاع محيط العادات والتقاليد كتب لها عمر جديد وستطفوا وترى النور قريباً وعزمت على أن أكون على أتم استعداد لإلتقاطها وانعاشها حال وصولها سطح المحيط الأسود المتطرِف..!
انتظرت رحلة الصيف بفارغ الصبر وكنت قد حجزت مقعداً لاختبار قيادة السيَارة التحريري عن طريق الإنترنت قبل شهر من موعد الرحلة ليوافق ثاني يوم من وصولي لولاية لوس أنجلوس في الولايات المتَحدة الأمريكية. كان لدي عشرة أيام فقط لأنجز هدفي فقررت أن أبحث عن مدرسة جيدة لتعليم القيادة حتى لا أضيع فرصتي الثمينة حتى وجدت مدرسة كان تقييم المتدربين فيها عال ومبشِر فهاتفتهم واتَفقت معهم على ان يبدأ التدريب حال وصولي. كان وقت الرحلة ضيِقاً ووقتي خلال يومي أضيق بوجود زوجي وأولادي معي ومسؤولياتي تجاههم.حال وصولنا بدأ ضميري يؤنبني حيال انشغالي عنهم ولو جزء من كل يوم لأحقق هدفي وبدأت الشكوك تساورني في إمكانية تحقيقه في عشرة أيام وعزز شكوكي خوفي من التجربة.. لكنَني قررت المضي فيها وعدم التخاذل وأقنعت نفسي بأنني سوف أندم إن لم أحاول.. خاصَة لو تم السَماح للمرأة بالقيادة لاحقاً خلال السنة. درست قوانين القيادة قبل الرحلة وذهبت للاختبار التحريري وقبل الاختبار قالت الموظَفة لي أنهم لن يرسلوا رخصتي في حال صدرت إلا إن كان لدي عنوان دائم في أمريكا وكنت قد وضعت عنوان الفندق الذي أسكنه، وأضافت لا جدوى من حضورك الاختبار قبل أن تحققي هذا الشرط.كانت قد ثبَطت عزيمتي لثوان ولكني قلت لها: لدي موعد وأودُ أن استفيد منه وأنجز الاختبار ولاحقاً سأرى ما بوسعي أن أفعل حيال العنوان. حرصت ان أكسب تعاطفها معي وشرحت لها وضع قيادة المرأة في السعودية بإختصار فتعاونت معي جداً. اجتزت الاختبار وأعطاني ذلك ثقة أكبر ودفعة أقوى لأنهي ما بدأته. مالبثت أن استلمت رقم تصريح القيادة حتى أدخلته على الإنترنت لحجز موعد اختبار القيادة العملي وهنا واجهت العثرة الثانية. لم أجد موعداً قبل موعد عودتي لأرض الوطن فحاولت أن أجرِب حظِي في مراكز أبعد من موقعي فأبعد. بعد إحدى عشرة محاولة، وجدت أخيراً موعداً في المركز الثاني عشر والذي يبعد ساعة من مقر الفندق ويعتبر خارج المدينة وكان في آخر يوم قبل السَفر فأخذته،ثم أنَني فتحت صندوق بريد أمريكي عن طريق الإنترنت كذلك وطبعت العنوان. أليس الإنترنت عظيماً!
وصل المدرِب للفندق في سيارة كتب عليها اسم المدرسة وهي مجهَزة بفرامل إضافية عند قدم المدرِب لحين الحاجة للتدخُل. ركبت في مقعد السائق.. نعم بجانب المدرِب تفصلني عنه نفس المسافة التي تفصلني عن سائقي في السعودية! وكان بإمكاني ان أطلب مدرِبة بدل المدرِب ولكنني فضَلت أن أطلب المدرِب الذي وجدت اسمه يتكرر في توصيات عملاء المدرسة. كان اليوم الأول أشبه باختبار التفاضل والتكامل في الثانويَة العامَة..!!! وكل يوم كان يزداد الأمر متعة وسهولة. حرصت على تحديد مواعيد الدروس بحيث تقع في وسط اليوم وقت راحة عائلتي حتى لا يؤثر هدفي الخاص في رحلة العائلة وكان ذلك مضنياً نوعاً ما.. فلا راحة لي ولكنَ تحقيقي الهدف كان سينسيني كل ذلك.أتى اليوم الموعود وذهبت لاختبر ولكنَني عبأت استمارة تغيير العنوان قبل ذلك وسلَمتهم إياها، ثم اتجَهت لحيث يبدأ الاختبار وقلبي يكاد يمزِق جلدي بقوَة نبضاته وكلِي أمل في أن لا يضيع كل ذلك التخطيط والوقت والجهد والمال وتأنيب الضمير هباءاً منثوراً. قرأت وردي ورفعت قدمي من على الفرامل.
نجحت واحتفلت مع عائلتي وكانت نهاية سعيدة لرحلة سعيدة.. وأنا اليوم مستعدَة وبانتظار رفع الحظر..
التصنيف: