عبدالفتاح أبومدين

إن عنوان هذه الكلمة لا يعني الاعتراض على قول الحق القائل: ولقد عهدنا إلى آدم فنسي ولم نجد له عزما،،، فالنسيان حال نحن البشر! وعنوان هذه الكلمة لا يعني أنني لا أنسى! وفي ذاكرتي حال عشتها مع بعض شيوخنا قبل نحو عقود أيام كنا نملك صحفاً قبل حال” المؤسسات الصحفية! كنت مع رمزين من أصحاب الصحف، أحدهما صاحب” مجلة المنهل أستاذنا عبدالقدوس الأنصاري والآخر أستاذنا أحمد السباعي صاحب صحيفة “قريش” التي كانت تصدر في أم القرى!

أنا كنت ثالث هذين الرمزين على مقاعد تلك السرر تحملها سواعد خشبية وفتلات حبال نسجت لها، وهذه الوسائل يومئذ تتخذ للجلوس الجماعي وللنوم عند اللزوم! كنت مع هذين الرمزين وأنا أصغرهم سناً! وخلال حديث هذين الرمزين وأنا لست إلا مستمعاً لأستفيد من خبرات هذين الرجلين ذوى التجارب الحياتية!
عبر حديث هذين الأستاذين، قال الأستاذ الأنصاري في هذه الجلسة: الأستاذ احمد يعني أستاذنا السباعي:الأخ احمد رجل نسّاء”! وما أسرع ما أطربني ذلك الرد البهي الحاسم، قال أستاذنا السباعي كلمات أو جملة تسكت المعترض وذوي الحس في أي مجتمع واع! أطربني ذلك الرد وسكن في مخيلتي: أنا يا أستاذ عبد القدوس” لا أنسى الجميل”! كان الرد الصائب مسكتاً لا مجال فيه للتحاور وعدم الاقتناع، وكما يقال”مسكتاً! هذه المقدمة والتمهيد انطلاقاً لي لأذكر واثني على رجل غال عرفته من خلال ما كان يُفضل به أستاذنا النابغة” محمد الحافظ بن موس” رحمه الله ورطب ثراه! كنت أسعى إلى مجلسه في حديقته في “عروة” في مهاجر خاتم رسل الله صلى الله عليه وسلم في طيبة دار السكينة والحنان، وفي ذاكرتي دائماً! ومن منا نحن المسلمين من لا يبتهج بذكرى” المدينة المنورة” وتردد النفوس الوديعة قول نبينا وحبيبنا سيدنا رسول الله:المدينة خير لهم لوم كانوا يعلمون”.
أستاذنا الحافظ يعتبر تاريخ أمة الإسلام وأحوال الشعوب الأخرى من كثرة مطالعاته الكثر في كل المعارف قلّ من يحيط بتواريخها وحياتها بعامة! وحين يلتقى به زائروه وتحرك ذاكرة هذا العالم الرائد المحيط بتواريخ شعوب العالم مما يبهج نفوس زائريه في” العصاري” لتستمع بدائرة معارف متنقلة فيها حياة شعوب الأرض؛ لأن استاذنا مطلع وقارئ وجليس كتب، لأن الكتاب”خير جليس” كما قيل!
أستاذنا الرجل الدؤوب في حراكه وسعيه، يعرّف محبيه وأصدقاءه بنماذج كريمة، وكان هو الذي عرفني بالصديق الوقور المحب الوفي”عبدالعزيز الرفاعي” صهر رجل كريم عزيز هو: الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، سفيرنا في المغرب ووزير الثقافة والإعلام سابقاً، وكان نعم الرجل خلقاً وطيب نفس وكرماً وسمحاً متواضعاً ومحباً لأخلائه ويحتفي بكل من يسعى إليه ويقصده!
إذاً أستاذنا الحافظ هو الذي عرفني بأديبنا وشاعرنا الرجل الكريم عبدالعزيز الرفاعي، رغم أن كلاً منهما في بلد، فالحافظ في دار الهجرة المدينة المنورة، والرفاعي في أم القرى مكة المكرمة، ثم أنتقل إلى جدة!
عرفت الرفاعي الوفي البار بأصدقائه، وكانت له”ندوة” أسبوعية في الرياض يغشاها المثقفون ويتحدث في داره الأعلام من رجال جامعاتنا وحتى من هم من خارج بلادنا، وكان الصديق الوفي المحب يحتفى بمن يسعى إليه، وكان وفياً يعين على الخير لأن عبدالعزيز الرفاعي ذا فضل ووفاء وولاء وكرم رحمه الله ورطب ثراه وغفر له.
قلت في مطلع حديثي هذا وأنا ما نسيت”! وذكرتني البلاد الصحيفة شكر الله لها ورئيس تحريرها السابق الأخ علي الحسون لينقل أحاديث وخواطر بعض كتاب صحيفة”البلاد السعودية” أيام كان رائدها الأستاذ”عبدالله عريف”رئيس تحرير صحيفة البلاد السعودية قبل عهد “المؤسسات “! وكان العريف كاتباً صحافياً مجيداً وواعياً، قبل أن يختاره الأمير الملك فيصل بن عبدالعزيز، اختاره الفيصل”أمينا للعاصمة المقدسة، وبهذا التحول لم تعد تلك الصحيفة في مستوى ما كانت عليه أيام العريف، ثم تحول عهد الصحافة إلى الدمج حيث اندمجت صحيفة البلاد السعودية مع صحيفة “عرفات” التي كان يملكها حسن عبدالحي قزاز!
( غداً نواصل)…..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *