[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

وجدت نفسي في بيئة لا تقرأ ولا تشجع على الاطلاع ولا تحترم التعليم بقدر ما يعجبها اللئم، أنهيت تعليمي تخصص كيمياء فوجدت نفسي مدرساً للإملاء، في حين أن ابن الجيران المحتال الذي يكذب وينصب في الحل والترحال أصبح سكرتيراً وبسرعة مديراً فثرياً يعرف الآن بالشيخ فلان، فقصدته فجعلني أكذب من السراب.
وجدتكم تحبون المظاهر وتمجدون حتى صاحب العيب الظاهر، تُجلسون الناس حسب حجم فلوسهم ومقدرة تلون نفوسهم، تعتبرون قول الحقيقة تهوراً والتزلف تجملاً، حتى جعلتم إجادة النحو والصرف هي الثقافة وباقي العلوم اعتبرتموها سخافة، فأصبح ذلك المنافق هو الرجل اللامع الذي يُدعى في المناسبات ويُعطى من مختلف الهبات لأنه يكتب مقالات من عينة خد وهات، فدفعتموني لأخدعكم بكلاحة وأمدح المقصر بوقاحة.
لاحظت زميلي يغير الحقيقة ويبخس المظلوم في دقيقة، وأنا سئمت الفقر وتحت سيطرتي صلاحيات قد تسعد الصدر، حبست نفسي عنها في البداية فنُقلت إلى أسفل البناية، بحثت عن حل لهذا الحال فأرشدتموني لأقنعة الكذب والاحتيال التي تنسي الفقر وأم العيال، وعندما استخدمتها تحول حالي الى خيال ومعها أصبحت أعرف بالرجال.
أنتم أيها المجتمع من جعلني منافقاً وجعل صديقي بالأمس فاسداً، أنتم من تصنعوننا وأنتم من تشتكون، تستغربون وأنتم من لا تسألون أيكم المفتون؟ أبحث في داخلك ومع نفسك وبصراحة عن دورك أنت في ما تشتكي منه إن كنت من الشاكين، وإن كنت من الفاعلين وتشجع المنافقين والفاسدين أو تسكت عنهم، فعليك سخط الله والناس.

عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *