أنا المدينة أعلى الله منزلتي

• محمد حامد الجحدلي

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد حامد الجحدلي[/COLOR][/ALIGN]

هي المدينة ويكفيها فخرا أنها تحتضن على ثراها العطر مثوى أطهر جسد على وجه الأرض سيد البشر أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي حاضرة الإسلام الأولى وموطن الذكرى التي احتلت صدارتها سائر المدن فاتجهت لها الأنظار تبادلها أرقى درجات المحبة بنقاء وصفاء قلما تجد له مثيلا ، وإنما تنساق إليها خُطى المحبين لاريث ولا عجل ! لتشهد مواكب الإيمان حيث القلوب التي تخفق بترانيم السلام وصفاء الروح وجلاء الهموم ، وكم هي لحظات السكينة التي تنتاب زائريها وهم يقضون جزءا يسيرا من سويعات حالمة تشعرهم بدفيء المكان وقدسية الزمان وسمو النفس وهي تحَُلِّق بأعلى منزلة التسامح ، وتلك لعُمري أخلاق الرجال الذين ديدنهم هذه السمات الطيبة ممن شرَّفهم الله بالسكن بجوار الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ومنها نسجوا أديم علاقاتهم لمن عرفوا ومن سنحت فرصتهم بالتعرف عليهم فأصبح شأنهم هذه الحميمية وتلك الصداقات التي بنيت على صدق المحبة وثقة الكبار، وحتى لا نبالغ إذا ما اعترى هذا الخليط الاجتماعي بعض الذي تسقطه هُبوب الرياح بذرات وحبيبات رمالها لكنها لا تلبث مع حلول المساء وهدأت الليل حيث تنتشر المجالس حول الحدائق والبساتين ورائحة الورد المديني يفوح عبقا رَطِباً نديا في أرجاء المكان ، لتجد مجتمعا يُجبرك على احترامه والتعامل معه بأرقى أساليب التعامل لتتسع
دائرة العلاقة بشمولية المنفعة المتبادلة وهي المحك الرئيس الذي بنيت عليه أسس الحياة بكل جوانبها سلبا وإيجابا ، ذات صباح وأنا اتجه من جدة إلى المدينة كان يجلس إلى جانبي بالطائرة أحد رجال الأعمال ، عاقد العزم لممارسة تجارته بطيبة الطيبة ذاكراً
بأن العمل بالقرب من مسجد رسول الله فيه البركة والشعور بالارتياح وهكذا المدينة بطبيعتها الخلابة وكل ما فيها من جماليات الحياة وبهجتها .
وفي حفل وضع حجر أساس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بثول كان يجلس إلي جانبي مصادفة الدكتور بهجت جنيد مدير عام التربية والتعليم بمنطقة المدينة المنورة والذي كان يتحدث باعتزاز عن مستقبل التعليم في المملكة وعلى وجه الخصوص تطلعات أبنائه المتفوقين في هذه المدينة المباركة ، أجول بخاطري متذكرا أسماء الزملاء والأصدقاء الذين تبؤ مكانتهم الوظيفية في مراكز قيادية ، لأهنئ الصديق والزميل الأستاذ محمد حميد الجحدلي الحربي الباحث والمؤرخ في طريق الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة والمشرف على أحد مواقع الانترنت المتخصصة ، الذي هاتفني من الرياض قبل أسبوع وهو يهم بحزم حقائبه مُنْتَقِلاً للمدينة المنورة بفرع وزارة المياه و الكهرباء بعد أن أمضى في الرياض العاصمة سنوات العُمر حيث الذكريات ومجالس العلم والثقافة والأدب ، مُذكرا إياه بأنه سيجد ما يصبوا إليه في تاريخ وجغرافية المدينة المنورة وآثارها التاريخية و أوديتها و عيونها وبساتينها مجالا خصبا للبحث والتحقيق والدراسة ، ولعلي هنا أشير لمقالة الأستاذ الدكتور الشريف حمدان بن راجح المهدي الهجاري التي نشرت بهذه الجريدة في عدد الأحد الفايت بعنوان \” حليب المدينة \” وعن المعاناة التي حلَّت بملاك آلاف الأبقار التي أزهقت أرواحها كُلِّها بدون استثناء بحجة إصابتها بأمراض معدية ولحماية الإنسان من هذا الوباء الذي داهم مزارع المدينة المنورة ، ومضى عليهم أكثر من تسعة أشهر وهم يعيشون الضياع والفاقة الشديدة وأتساءل من أين لهم مصدر رزق ؟ ولاسيما إنه لا بديل لهم عن هذه الحرفة التي ورثوها منذ زمن بعيد أبا عن جد وأين دور فرع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية بالمدينة المنورة ؟ نعم قامت بواجبها بقتل آلاف الأبقار خوفا من انتشار الوباء وأن يطول ضرره على الإنسان .
وهنا يبرز سؤال آخر عن الأضرار المادية والمعنوية لأصحاب هذه الأبقار من أين لهم دخلا يقيهم مذلة السؤال ويعينهم على نوائب الدهر ؟ خصوصا وأن غالبية هذه الأسر أما أن تكون فقيرة أو متوسطة الحال ولدي أربابها مسؤوليات أمام أسرهم وأطفالهم ، وهاهو الشهر الكريم على الأبواب ومعظم الأسر تواجه غلاء المعيشة بالرغم من الجهود المخلصة في وقف هجمة الغلاء الشرسة للحد من الأضرار الناتجة منها على المواطن العادي ، ألم يكن بوسع الجهات المختصة تكوين لجان عاجلة لتعويض هؤلاء عن خسائرهم وتمكينهم من شراء أبقار سليمة بشهادات بيطرية مصدقة من أسواقنا المحلية لتتمكن هذه الشريحة من مواصلة إنتاجهم بدلا من الركود والاستسلام للبطالة الأكثر شراسة ، وحتى نحا فظ على شيء من ارثنا الحضاري في هذه البقعة المقدسة .
قطرة ندى :
أنا المدينة أعلى الله منزلتي
وأبهج الكون من حسني وأنواري
[ALIGN=LEFT]mu 7 mad@hotmail .com[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *