أنا الكرسي و من ورائي الطوفان

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]معاذ القاسم[/COLOR][/ALIGN]

من عظام البشر يبني أركان كرسيـّه ، ومن أشلائهم يصبغه باللون الأحمر الفخم ، و على الجماجم يستوي الدكتاتور ليقول كلمة الفصل التي لا تقبل التصحيف و لا التحريف و لا التأويل ؛ فكل كلمة عند الذي جعل من نفسه جلاداً على شعبه كلمة حياة إن وافق و كلمة موت إن رفض فيحرقهم بالمدافع و الأباتشي و يطاردهم بشبـّـيحته و عفاريته الذين خرجوا من أفواه الجحيم حتى اكتوت قلوبهم بلظى فلا يعرفون و لا يفهمون إلا لغة الحديد و النار .
إن الدكتاتور يتغذى من الخوف و لا يترعرع إلا في بيئة النفاق الاجتماعي و لا تروى جذوره إلا من \” الشبـّـيحة \” – الذين لا يخافون في الزعيم لومة لائم – و لا تأخذهم رحمة ٌ ببني البشر الذين يصرخون قائلين : أعطني حريـّـتي أطلق يديَّ و لا يقولونها غزلا ً و رغبة في الانفكاك من حبهم إنما العكس و هو الفكاك من رصيد الكراهية الطويل الذي ترعرع داخل أرواحهم منذ الطفولة حينما رأوا أن الزعيم ليس كباقي البشر فهو يقتل و يحبس و ينكل بالبشر و يهلك حتى \” الحمير \” .
ولقد فات ذلك الزعيم أن رائحة الموتى و الجماجم تحت كرسيـّـه المبجل يعد لعنة ً خاملة و طاقة كامنة من الويل فما أن يزيد عدد الجماجم حتى تزداد احتمالية حركة الجماجم من أسفل الكرسي و التي تتحدرج دفعة ً واحد حتى تهوي بالكرسي و يهلك من هلك َ جزاء صنيع يديه و أختامه البائسة التي تلطخت بدماء الأبرياء حينما وقـّـعت على حتفهم . و كلما زاد شد الحبل من طرف قوي ٍ يتباهى بقمعيته إلا و سقط َ على ظهره ليكسره و يسقط الضعيف فوقه و يأكله بلا رحمة و هكذا تظل الإنسانية في صراع من أجل البقاء و من أجل الانتقام من الظالم .
و ما على الحكيم من سبيل إلا أن يقف حائرا أمام هذه المجازر التي لا تنتصر حينما تنتصر إلا لتفرز الضياع و الشتات و الخوف و تعلو فئة ٌ فوق أخرى ، و طائفة تغدو و أخرى تروح و كل ذلك بسبب الطموح البشري الذي يصل ببعض الموتورين لتمجيد الذات و الذود عنها بكل قوة حتى لو دعاه لاستعمال الإنسان ضد أبيه و أمه و أخيه و ضرب الحابل بالنابل ليبقى وجه الحاكم الممانع المقاوم لشعبه و أرضه فقط .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *