أنا أدخن إذن أنا غير موجود
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سماح الرمحي[/COLOR][/ALIGN]
شخيرٌ مرهوب الجانب.. سعالٌ حادٌ بعد صعود الأدراج.. حرصٌ على رثي القميص المفضل الذي احترق بزهرة السيجارة.. تماماً مثل الأصابع التي اصفرت جراء التدخين.. حتى تلك الرائحة النتنة التي تخرج من ذلك الفم المُزّرق.
زمان أعني قبل أكثر من هذا اللهاث، أعني عندما كُنت رشيقاً وحيوياً ويافعاً، أعني قبل السعال والأوجاع، أعني ليس الآن.. زمان قبل الدخان.
كان لي معدات أستخدمها، معداتي زمان: عافية، صحة، معداتي «زمان»: نضارة كافية -نضارتي وتوردي سر جمالي، اعتداد بالنفس بسبب عذوبة ونظافة النفَس، زمان عندما كان النبض وطول النفس مُدويا في الصدر مثل طبول الأفارقة، عندما كنت حصانا. هذا زمان، أين ذهبت معداتي؟! أين اختفت؟! ولماذا لا أرى حالياً سوى وصفة طبية، وبلغماً قذفته قبل قليل وآلاماً في الصدر، لعلّي لا أرى أولادي يكبرون ولا أحفادي، من يعيد لي معداتي؟!
إذاً أنا أدخن إذا أنا مجنون..
نصحتني أمي وزوجتي وابنتي ونصحني طبيبي أن أترك الدخان، وقالوا في معرض تبريرهم لهذا الإجراء: إن الدخان سبب كل الأمراض التي أعاني منها، وأن الحياة تغدو صعبة للغاية إذا أدمن الإنسان الدخان، هل امتثلتُ للنصيحة ؟! بالطبع لا، ذلك لأني لا أصغي للنساء ولا للأطباء عموما، إضافة الى قناعاتي أن الدخان بريء مما أسند إليه من تهم.
فمنذ عام 2000 وأنا أدخن وأنا لا أزال على قيد الحياة ولم أمت لغاية هذه اللحظة، ولماذا يقولون أن التدخين سبب رئيس لأمراضٍ كثيرة ومنها الجلطة؟
صديق لي «لم يعد موجوداً» أصابته جلطة عندما كان يأكل منسف، وصديق آخر أصابته جلطة بسبب الزعل والطفر، فما دخل التدخين إذا بالطفر! مع أن الطبيب حذره مراراً وتكراراً من هذا المرض الخطير، وقال له: أرجوك أرجوك لا تدخن.
لي رأي مختلف عن رأي الطبيب، فالتدخين يفش الغل، يوسع الشرايين، يريح النفس، يفتح الدماغ، يهدئ الأعصاب، فلماذا الخوف من سرطان الرئة، أو تجلط الدم، أو تصلب الشرايين؟! هذا لا يحصل إلا للإنسان الذي لديه ضعف عام بالجسم، ولا يوجد لديه قوة شخصية، أما الأقوياء أمثالي فالوضع مختلف تماماً.
أعود للأصل خالي -رحمه الله- «لم يعد موجوداً» كان يدخن في اليوم ستين سيجارة، وكان كالحصان ولولا مرض الضغط وتصلب الشرايين الذي أودى بحياته لكان بيننا الآن يدخن ويسرح ويمرح.
وابنة عمي -أم لثلاثة أبناء- توفيت، ويقولون إنه بسبب التدخين، حيث كانت -رحمها الله- تدخن بجنون، ولكنّي أنفي هذه التهمة عنها وأقول: لولا سرطان الرئة والحنجرة التي أصيبت به لكانت بيننا الآن تدخن وتداعب أطفالها.
لذلك أعود وأؤكد أنا أدخن إذاً أنا غير موجود.
التصنيف: