أميركا الجديدة: حروب الحوار
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ظاري جاسم الشمالي [/COLOR][/ALIGN]
اصطدمت السياسة الأميركية بحائط الحقائق بعد ما يقارب العقد من السياسة الإيديولوجية المغلقة، فتغير الاتجاه نحو سياسات تعالج الأزمة الاقتصادية بانفتاح سياسي لم تستفد منه حتى الآن أفغانستان لأن إدارة أوباما مهما عبرت عن مرونة تجاه خصوم الأمس فإنها غير قادرة على تخطي عقدة القاعدة.
ولكن وصل الأمر بالفعل إلى حد فتح أقنية الاتصال مع إيران على مصراعيها، وتقاطرت الوفود الأميركية على دمشق، وتلمست كوبا طريقا لفك الحصار عنها وأصبح الحوار لا الإملاء والاستعلاء طاغيا على لغة الخطاب السياسي من أعلى الهرم إلى أدناه.
الحزب الديموقراطي الأميركي من كارتر إلى كلينتون يميل إلى اجتياح العالم بالديبلوماسية والتنمية، وقد حقق بواسطة تلك السياسة مكاسب للسياسة الأميركية بغض النظر عن تأثر الآخرين سلبا أو إيجابا، فيمكننا مثلا أن نعتبر كامب ديفيد التي فصلت مصر نهائيا عن الصراع العربي الإسرائيلي إنجازا ديبلوماسيا أميركيا بامتياز مع ما تلاها من اجتياحات إسرائيلية للبنان وفي فلسطين… ولذلك تقع على الأطراف الأخرى مسؤولية العمل على الاستفادة من فترات الانفتاح الأميركي لقطف اتفاقات لا تؤسس لحروب مقبلة على حسابهم.
وقد استبشرنا خيرا بقمة الدوحة مؤخرا لعلها تكشف عن إدراك عربي أن التضامن في فترات الانفتاح الأميركي لا يقل أهمية عن التضامن في فترات الاجتياحات الإسرائيلية، ولكن غياب الرئيس المصري صدمنا لأن غياب الشقيقة الكبرى يجعل التضامن هشا وقابلا للانفجار عند أي أزمة لاحقة.
يجب أن نفهم الانفتاح الأميركي تحت زخم الأزمة الاقتصادية كفرصة عمل على تغيير جذري للموقف الأميركي من قضايانا، وليس كفرصة لتسويات منفردة ومؤقتة تمهد لإطلاق اليد الإسرائيلية من جديد.
ووجود حكومة إسرائيلية متطرفة في إسرائيل تعمل بنشاط على تهويد القدس تحت عنوان الخوف من المتغيرات… ليس إلا كذبة كبيرة، لأننا نعلم أن الانفتاح الأميركي على العرب والمسلمين لم يساو أبدا الضغط الحقيقي على اسرائيل، ونعلم أن الديبلوماسي الأميركي عندما يفتح بابا لأميركا فإنه باليد الأخرى يفتح نافذة لإسرائيل، فإسرائيل هي المستفيد دوما من حروب أميركا وديبلوماسيتها، والقوة الحاضرة دوما في الإدارات الأميركية المتعاقبة جمهورية كانت أو ديموقراطية.
كيف سيواجه العرب والمسلمون هذه المرحلة الحرجة من المخاض الديبلوماسي الذي يكشفهم أكثر أمام المحاور المبتسم اليوم الغاضب غدا؟ هل سيستفيدون من دروس التاريخ القريب أم سيضيعون الفرصة كما هو المعتاد. الوضع العربي الحالي كالعادة لا يبشر بتضامن قوي وجدي ويمكن ترجمته مكاسب حقيقية على الطاولة … ولكن ليكن معلوما هذه المرة أن الثمن سيكون الضياع النهائي… لكل فلسطين.
النهار الكويتية
التصنيف: