أملنا كبير في.. الحكمة اليمانية

• بخيت طالع الزهراني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** ما يحدث في اليمن الشقيق يهمنا نحن هنا في السعودية بدرجة كبيرة للغاية، ومن خلال مراقبتنا لما يجري على الساحة اليمنية من تظاهرات حاشدة مطالبة برحيل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، والذي نعتبره شأناً يمنياً خالصاً، غير أن المهم بالنسبة لنا أن يعم الهدوء أرض اليمن، وأن يصار إلى انفراج هذه الأزمة بأقل الخسائر، فاليمن بالأصل بلد لا يحتمل المزيد من المتاعب على حساب التنمية وايقاف عجلة البناء في بلد يرزح تحت جملة من المعاناة، بدءاً بحالات الفقر والبطالة والهجرة لملايين من أبنائه إلى البلاد العربية بحثاً عن لقمة عيشهم، ومن بلد صار للقاعدة مكامن خطرة فوق ترابه، ومن دعوات انفصالية إن في الشمال أو الجنوب، ولذلك فإن مقولة إن اليمن في مهب الريح، مقولة غير بعيدة عن الصواب، لكننا في ذات الوقت متفائلون بـ (الحكمة اليمانية) تلك الحكمة التي كانت على مرّ التاريخ هي ملاذ اليمنيين بواسطة أبنائها من أصحاب العقول والرشد، الذين كان لهم الفضل بعد الله في انتشال اليمن من عثراته، واعادته إلى الطريق الصحيح، الذي به ومن خلاله يمكن لليمن أرضاً وإنساناً أن يأخذ مكانه الطبيعي تحت الشمس.
** ولعلي هنا أتذكر واحدة من زيارتين كنت قمت بهما إلى اليمن، وهي الزيارة الأخيرة قبل ما يزيد على ست سنوات تقريباً، خلال توقيع الاتفاق على ترسيم الحدود السعودية اليمنية، ويومها كنا مجموعة من الصحفيين السعوديين، وخلال خروجنا من القاعة الرئيسية التي كان يجلس فيها سمو الامير سعود الفيصل ومعالي السيد عبدالقادر باجمال، فوجئنا بدون سابق اشعار بخروج الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلينا ونحن على باب القاعة ،كان الموقف بالنسبة لي مفاجأة أن يكون رئيس الدولة أمامي دونما اجراءات بروتوكولية كما هو متبع في مثل هذه الحالات، وابتدرنا الرئيس صالح بابتسامة عذبة وترحيب كبير، وصافحنا فرداً فرداً، ثم عندما طلب أحدنا تصريحاً من فخامته اعتذر بلطف وبأسلوب دبلوماسي حكيم قبلناه بترحاب وقناعة.
ولحظتها شعرت أن صانع الوحدة اليمنية الرئيس صالح إنما هو شخصية يمنية قيادية فريدة ربما على مستوى التاريخ اليمني الحديث، لكنني خلال موجة التظاهرات الأخيرة، لا أدري حقيقة كيف يستطيع الرئيس صالح أن يخرج من هذا الكابوس بأقل الخسائر، وبشيء من بريق التاريخ الذي صنعه، وكان يجب أن يسجل له بصورة أجمل وأفضل، مما هو عليه الحال الآن، خصوصاً وثمة نقمة من أوساط شعبية يمنية لا يمكن الاستهانة بها ضد فترة حكمه أو بعضٍ منها على وجه الانصاف والعدالة.
** أنا شخصياً ما كنت اتمنى للأيام ان تدور دورتها وتضع الرئيس علي عبدالله صالح في هذا المأزق السياسي والشعبي الذي وجد نفسه فيه هذه الأيام، وهو مأزق لا يمكن التكهن بدقة بأسلوب الخروج منه، ولكن الذي يبدو حقيقة أن فترة حكم الرئيس صالح طويلة والتي زادت عن ثلاثين عاماً، قد شابها بعض الأخطاء المنهجية في أسلوب إدارته للبلاد، وبالتالي قيام أخطاء وحالات فساد يتحدث عنها اليمنيون هذه الايام بشكل واضح وبعضهم معه أدلة دامغة.
** في زيارتي الاخيرة تلك لليمن فوجئت حقيقة بتلك الاطياف الثقافية والسياسية المتنوعة، وبصورة أكبر وأوسع مما كنت اتوقع، وكنت في واقع الأمر اتوجس من تلك المساحة الواسعة التي أخذتها افقياً وعمودياً، وقلت لا بد وأن يكون لها عما قريب افرازات ديناميكية على الأرض بعضها سيكون إيجابياً والآخر سيكون سلبياً، خصوصاً أن التجربة الديمقراطية اليمنية التعددية ما زالت حديثة عهد، وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحدث في اي بلد، ولذلك فإنني من الذين كانوا ولا زالوا يدعون الله تعالى أن يجنب اليمن أرضاً وإنساناً ارهاصات ونواتج ما يجري الآن على أرضه من ثورة عامة ،واتطلع كمحب لليمن واليمنيين إلى أن يكون للحكمة اليمانية التي نعرفها ويعرفها التاريخ ونثق فيها المخرج والملاذ من هذا الطوفان الذي يحيق باليمن الحبيب.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *