أقنعة العلاقة الإيرانية الفلسطينية

• محمد حامد الجحدلي

لم تكن حقيقة العلاقة الإيرانية الفلسطينية ، ومنذ مجيء ثورتها إلاَّ مجرد فسيفساء اكتست بالطائفية العرقية ، حاول ساسة إيران تسويقها ، ضنًّا منهم باستغفال الرأي العام الفلسطيني ، وبعض المغفلين والغوغائيين في الشارع العربي ، لظروف استثنائية تمر بها الأمة العربية ، رخصت فيها كرامة الشرفاء من أبنائها ، وأزهقت الكثير من دماء الأبرياء ، هذا ما استطاعت إيران فعله ، وحاولت وسائل إعلامه تمريره ، ليس في غفلة من بعض قيادات عقلاء الأمة العربية ، التي دافعت بشجاعة عن قضيتها الأولى ، القضية الفلسطينية التي ارتوت أرضها المقدسة ، بدماء وأرواح الشهداء العرب ، ولا زالت تقف ببسالة دفاعا عن هذه القضية ، ولم يكن في تاريخ النضال الفلسطيني العربي ، ما يذكر لإيران من قريب أو بعيد ، أي دور سياسي أو عسكري أو دعما ماديا أو معنويا. سواء ما قبل أو بعد الثورة تحت جلباب الإسلام ، الذي تدعيه وهي منه نقيض، إذا أخذنا في الاعتبار أن مبادئ ثورتها الديماجوجية ، ولدت ولادة قيصرية عارية لأبوة غير شرعية ، وأحلام بعيدة عن معطيات وأدبيات العصر وعلاقة حسن الجوار ، إذْ بَنَتْ أهم استراتيجياتها على تصدير ثورتها المُعاقة ، لرؤية سيكولوجية شعوبية تتكئ على زمن الطائفية المذهبية.
على ضوء هذا السياق يمكننا الخروج بنتائج سلبية ، واكبت تلك الثورة وأسقطت اقنعتها ، إلى جانب تَنَبُّؤ عدد من خبراء السياسية بفشلها وسقوطها ، وهي لا زالت بكرا وفي طور مراحلها الأولى ، كونها لم تتجاوز عقد ولادتها الرابع ، مقارنة بتاريخ الثورات التي نجحت في دول أوروبية ، عطفا على الأهداف السامية والحضارية لتلك الدول ، وفي بلورة نظريات حديثة عجزت الثورة الإيرانية عن مجاراتها. وإنما بقي دورها الرئيس في خلق الصراعات الأيدلوجية ، وإثارة النزعة العدائية بين شعوب المنطقة ، بعيدا عن أي دور في الجوانب الإنسانية , وهو ما أدى لتعميق جراح القضية الفلسطينية ، والذهاب لما هو أبعد من ذلك ، حيث الانقسام الذي حدث مؤخرا بين رفاق السلاح الواحد ، الأمر الذي أضر بأطول قضية على مرَّ التاريخ.

فهل يستطيع القادة الفلسطينيين توحيد مواقفهم السياسية ، والالتفاف حول قيادة موحدة تتفق عليها معظم الفصائل الفلسطينية ، رأفة بأجيال الشباب القادم التي يقف له العالم ، تقديرا واحتراما لصمودهم أمام كل وسائل القمع الإسرائيلي وألوان التعذيب ، التي طالما هتفت لها إيران للتصدي ، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الأعزل ، إنما ما استطاعت إيران تحقيقه استثمارها للخلافات العربية ، ليكون دورها الأوحد خلق المزيد من الدسائس بين القيادات الفلسطينية ورفاق النضال.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *