[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]وائل القاسم[/COLOR][/ALIGN]

أقسم بالله العظيم، على كتابه الكريم، أن أكون مخلصاً لله، مجاهداً في سبيله، عاملاً بشريعة الإسلام؛ مطيعاً لمليكي، مدافعاً عن وطني بكل ما أملك من وسائل، وأن أكون سلماً لمن سالمهم، وحرباً على من حاربهم؛ منفذاً جميع أوامر رؤسائي في غير معصية الله، محافظاً على سلاحي فوق كل أرض وتحت كل سماء؛ والله على ما أقول شهيد».
ذلك هو نص القسم الذي يؤديه كل خريج من مؤسساتنا العسكرية المختلفة، قبل أن ينخرط في معترك العمل، ويخوض في خضم الواجب، ويتم القسم عادة في جو مهيب، يجتمع فيه عدد معين من القادة والمسؤولين والضيوف وغيرهم، وترتفع فيه أصوات المقسمين القابضين على القرآن الكريم، كتأكيد على قوة ذلك القسم ووجوب الالتزام والوفاء به.ولكن المواطن الذي يتعامل مع هؤلاء الخريجين بعد تخرجهم واستلام وظائفهم لا يجد -في كثير من الأحيان- ما يدل على الوفاء بهذا القسم العظيم؛ بل وقد يجد ما يدل على عكس ذلك تماماً من التفريط بالأمانة، والتقصير في العمل، والعزوف عن القيام بالواجب بالشكل المفترض والمأمول.
ولن أسهب في تعداد صور ذلك التقصير واستعراض أشكاله وألوانه في القطاعات الأمنية؛ لأن الصورة أصبحت واضحة –للأسف الشديد- ولا يمكن تجاهلها واستمرار السكوت عن بيانها، مهما حاول البعض تغطية ذلك الخلل أو التبرير له، فالشمس لا يمكن أن تحجب بغربال أبداً.سأكتفي هنا بطرح سؤال سيختصر الكثير من الكلام، وسيكون خاصاً بجهاز الشرطة، باعتباره هو الأهم –في نظري- ؛ لأنه الأساس الأول في أمن الوطن واستقراره، وما ينتج عن ذلك الاستقرار من نجاح وتقدم وازدهار.
هل يجد المواطن أو المقيم عند الإبلاغ عن جريمة معينة أو خلل أمني معين تجاوباً سليماً وسريعاً من الشرطة (ينتهي بالقبض على مرتكب الجريمة) وحصول المتضرر –وهذا هو الأهم- على حقه المادي والمعنوي المشروع؟ وأقصد طبعا بالمواطن في السؤال السابق (المواطن البسيط الذي لا يملك من النفوذ أو القوة أو الواسطة أو الرشوة أو غيرها من الوسائل التي يخجل الإنسان من كتابة بعضها والتفصيل فيه).
قد يجيب البعض عن السؤال السابق بقوله: نعم قد يحصل بعض المواطنين والمقيمين على حقوقهم، وهنا يطرح سؤالٌ آخرٌ نفسه وبقوة: كم نسبة أولئك الحاصلين على حقوقهم من عدد المتقدمين بالشكاوى؟ وهل تلك النسبة بعد تحديدها تدل على أن الوضع الأمني مستتب ويسير في الاتجاه الصحيح؟ أم أن العكس هو الصحيحَ؟
إن من المؤسف جداً أن تجد أعداداً كبيرة من المقسمين، يخالفون ما أقسموا عليه، سواء بالتكاسل عن القيام بالعمل وتأخيره وتسويفه، أو بالاستهتار بالمدّعي –كما يحدث كثيرا- عند التقدم بشكوى معينة، خصوصاً إذا كان بلاغه تافهاً في نظرهم، كسرقة جواله أو جهاز التسجيل في سيارته أو إطارها أو أنبوبة غاز، أو غير ذلك من المسروقات التي تزدهر أسواقها في السنوات الأخيرة، أو (تعرضه لتهديد)، أو مطالبته (بحق خاص)، رغم أن ذلك البلاغ التافه في نظر سعادة العسكري قد يكون أمراً كبير القيمة عند صاحبه المسكين.
وقس على جهاز الشرطة بقية الأجهزة والقطاعات الأمنية التي يتعامل المواطنون والمقيمون معها؛ فهل يجد المتعامل مع المرور أو الجوازات أو الدفاع المدني أو أمن الطرق أو جهاز المباحث أو غيرها من القطاعات، تعاملاً سليماً قائماً على أنظمة واضحة ومعلنة، يخضع لها الجميع بدقة ودون تفرقة أو تمييز أو محاباة؟.
إن حديثي السابق لا يعني ولا يستلزم بالضرورة أن غالبية رجال الأمن مقصرون أو فاسدون، ففيهم-وبلا شك- الكثير من المخلصين القائمين بواجبهم على أكمل وجه، ولكن نسبة المفرّطين في الأمانة كبيرة أيضاً، ولا بد من إيقافهم عند حدهم، وإصلاحهم أو استبدالهم بغيرهم لكي لا تنتشر عدوى اللامبالاة والتلاعب بينهم.
إن من يشاهد انتشار الجريمة وتنامي الفوضى بمختلف صورها في مجتمعنا في ظل هذا التقاعس الكبير من بعض أفراد الأجهزة الأمنية، لابد أن يتبادر إلى ذهنه هذا السؤال :أين ذهب ذلك العهد والقسم والميثاق الغليظ الذي أخذه رجال الأمن على أنفسهم عند تخرجهم؟.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *