أفكار في ردهات ( ذي سيدرز The Cedars )
محمد صفوت السقا أميني
وسط الثلوج قادتني بسيارتها البيضاء كلون الثلج وصعدت إليها بمعونة الأخ الصديق الدكتور صافي قصقص لأنها من نوع الجيب مخترقة أكوام الثلج وسيارات البلدية ترمي حمولتها على الطريق. قالت قائدتنا الناشطة في العمل مع الأخت الأستاذة إيمان قصقص انه الملح يذيب الثلج و يسهل لنا سيرنا. اجتزنا شوارع واشنطن من فندق هيلتون إلى مرتفعات خضراء واشجار مكسوة بالثلوج لم اسمع\” بوريا \”ولم ار واحدا معاكسا للسيدة التي تقود ركب الرجال وعلمت ان قوانين السير لاتسمح لراكب واحد ان يدخل بسيارته هذه الشوارع إلا إن يكون اكثر من راكب كما كان يفعل الزملاء في الرابطة ايام زمان. الهدف طبعا المحافظة على البيئة وتخفيف ازدحام السير من اجل انقاذ كوكب الارض من التلوث والتدهور.
وتسلقت بنا السيارة تلك الرابية من منطقة فرجينا التي تدعى نقطة بوتامك وهي اعلى نقطة على بساط نهر البوتامك . ترجلنا من السيارة فسلمت على الكثير ممن كانوا معنا في الافطار ((الرئاسي)) ودخلنا القصر واخذوا يشرحوا لنا تاريخه. هذا المبنى الذي وصفه الصحفي جيف في كتابه العائلة \”انه يوجد للعائلة مركز رئيسي في فرجينا بالقرب من واشنطن اسمه ذي سيدرز يستضيف قادة وشخصيات بارزة\”. لقد اشتراه جورج مايسون الثالث من صاحبه الاصلي عام 1777 ثم ورثه جورج مايسون الرابع عن والده بعد مدة بسيطة والمعروف ان جورج مايسون الرابع اشترك في صياغة \”وثيقة فرجينيا لحقوق الانسان\” وجدير بالذكر انه ساهم في التعديلات العشرة الاولى من دستور الولايات المتحدة الاميركية المعروفة باسم وثيقة حقوق الانسان،مايسون الرابع كان يكره تجارة الرقيق بشدة وكان يعتبرها تجارة شيطانية مشينة للانسانية . ثم تحول هذا المنزل الى ملكية سيدة ثرية اوصت بعد وفاتها ان يوقف للاعمال الخيرية وان يخصص للفقراء والمحتاجين . فعلا هو مبنى ترى فيه الملل والنحل ويعج بالناس. هناك من يلتقط الصور امام المبنى، وفي الداخل سويدى و ألمانى ومصري ولبناني يتناقشون في الردهة وهندي بدمغته الحمراء وباكستاني بسرواله العريض وسيدات سلمن على الناشطة ايمان. من هنّ يا أيمان و لماذا يأتي جميع هؤلاء الى هنا؟
قيمة هذا المكان أنه واحة يجتمع فيها كل الذين يأتون الى واشنطن بحثا عن حلول لمشاكل بلادهم السياسية أو الطائفية أو الذين يريدون بناء جسور مع الآخر ثم ينتهى بهم المطاف فى السيدرز. يأتي الجميع ليجتمعوا بدوجلاس كو فيستمع اليك و كأنك الوحيد الذى سيراه فيشعرك باهتمامه بك و بمشكلة بلدك ثم يسألك هل من الممكن أن ندعو الله معا من أجل الحلول المناسبة. فيحنى رأسه و يبدأ بالدعاء و كأنه يقول لزائريه القادمين اليه من أقاصى الارض أن الحل عند رب العالمين الذى يسمع الدعاء سواء توجهنا بدعائنا اليه من الشرق أو من الغرب.
كما أنك تتعرف هنا على الجميع و تبني صداقات مع زعماء من جميع أنحاء العالم. فإن كنت يقظا فإن بإمكانك توظيف هذه العلاقات بما يفيد قضايا بلادك و نحن حضرنا أساسا لشرح قضية الشعب الفلسطينى ومعاناته مع الاحتلال الاسرائيلى.
وما هي الا دقائق حتى رحبت بي سكرتيرة المفكر دوغلاس كو قائلة ان دوج في انتظاركم وقادتنا الى صالون يطل على الطبيعة التي تحيط بالقصر واخذ كل منا كرسيه فالدكتور صافي وزوجته الناشطة إيمان و الدكتورعادل وزوجته التي تحمل هيئة الامم المتحدة في كيانها العائلي وهي الدكتورة منى المتدربة فى أحد مستشفيات أمريكا وستعود لتخدم وطنها فهي تحمل من والدها نسب الاشراف ومن والدتها فلسطين ومن جدتها الافغان تحدثت عن سيرتها بكلمات نابعة باعتزاز فاقت زوجها الدكتور عادل. لقد طلب دوج تغيير مكاني وحمل الكرسي بيده لاجلس عليه لانه احس بي وهذا ما يجعله محبوبا من كل من عرفه. هو ناشط بروتستنتي و يعتبر المرشد الروحي لعدد كبير من النواب في الكونغرس الأميركي وهو يعتبر ان الكثير من المشاكل التي تحدث انما تحدث من خلال سوء الفهم من قبل الطرفين او احدهما بحيث يحكم على الاخر بما يتصوره أو ما يستنتجه من دون أساس لهذا الفهم. والى اللقاء مع اقوال رؤساء وملوك عن هذا المكان وهذا التجمع الذي عاش53عاما من العطاء الى الانسانية كمايراه الباحثون عن الحقيقة.
Mob.966500613189
التصنيف: